حسين كمال ومصطلح الفن الكبير

ثقافة 2024/07/15
...

علي حمود الحسن
تمتعت كثيراً بقراءة الكتاب الالكتروني الجديد " حسين كمال ومصطلح الفن الكبير" للناقد السينمائي البحريني حسن حداد، وهي التفاتة كريمة من ناقد متخصص لمخرج كبير متعدد المواهب أهمله النقاد والمؤرخون لأسباب ليس أقلها "نظرة الحديري" الأيديولوجية مثلما يقول الناقد عمرو شاهين، الإصدار الـ (13) ضمن سلسلة الكتب الالكترونية التي ينشرها    موقع سينماتك السينمائي الذي يديره حداد  في شهر تموز الحالي.

 تصدرت الكتاب الذي ازدانت صفحاته بالصور التي تخص كواليس ولقطات من أفلام صاحب " شيء من الخوف" مقدمة بقلم الناقد والسيناريست د. وليد سيف، رسم فيها بانوراما لمجمل أفكار الكتاب واصفاً أسلوب المؤلف بأنه: " توقف أمام أعمال حسين كمال بالقراءة والتحليل بنظرة موضوعية، إذ استطاع بخبرته النقدية أن يضع حداً فاصلاً بين أفلام حسين كمال ذات الطابع الفني الخالص، وأفلامه ذات الطابع التجاري". 

وتحت عنوان "بدايات" يسلط حداد الضوء على السيرة الحافلة للمخرج   الإسكندراني حسين كمال المولود في العام1934 لأب يعمل أستاذاً جامعياً وأم أرستقراطية، رفض الأب المتزمت توجه ابنه الفني، فأجبره على دراسة التجارة، بعد حصوله على دبلوم التجارة توفى والده، ما أتاح له السفر إلى فرنسا، دارساً في معهد السينما العالي "الأديك"، إذ تخرج منه في العام 1954، بعدها عاد إلى مصر، لكنه لم يمنح فرصة للعمل مخرجاً، أو مساعد مخرج، احتضنه التلفزيون، إذ أخرج فيلمه القصير الرائع "المعطف" عن قصة لنجيب محفوظ، وقبلها أخرج أعمالاً مسرحية وإذاعية، ثم أُبتعث إلى روما لدراسة المسرح، بعدها أخرج فيلمه الذي وإن فشل في شباك التذاكر، لكنه كان على مستوى فكري وبصري  متقدم.

ابن أمه الذي تعلق بها بشكل مرضي حتى أنه لم يتزوج " لأنه لم يجد شبيهتها، وكانت سيدة أرستقراطية أنيقة وسيدة مجتمع من طراز رفيع.

أخرج حسين كمال 27 فيلماً و10 مسرحيات أشهرها " الواد سيد الشغال"، و"ريا وسكينة"، فضلاً عن عدد من المسلسلات التلفزيونية ومعظم هذه الأعمال جمعت بين ما هو فكري وجمالي وأخرى ذات طابع تجاري ترفيهي، لكنها مشغولة بأنامل مخرج عارف يتمتع بحساسة بصرية، إذ عبر عن أفلامه بأسلوب تعبيري ورمزي وواقعي وتجاري، فحسين كمال أخرج " شيء من الخوف" ، و" البوسطجي" ، و"المستحيل"، و" ثرثرة فوق النيل"، و"امبراطورية ميم"، و" أبي فوق الشجرة " الذي استمر عرضه أكثر من سنة، وتوقف عرضه بأمر من  الداخلية".

ينتقد المؤلف حسين كمال باعتبار أفلامه تجارية، إلا أني أرى أن معظم أفلامه المقتبسة من أعمال أدبية وحققت إيرادات ضخمة كانت ناجحة فنياً ولم تكن مبتذلة، بعدها أدرج المؤلف معظم أفلام كمال في قائمة، عارضاً لها ومحللاً ومبرزاً ميزات هذا المخرج الذي اهتم كثيراً بتقنية المؤلف متأثراً بأساتذته الفرنسيين وموجتهم الجديدة، فضلاً عن عنايته بالموسيقى التصويرية إلى حد أنه كلف الموسيقار محمد عبد الوهاب بوضع الموسيقى التصويرية لباكورة أفلامه " المستحيل"، وتماماً مثلما ماتت أمه بشكل مفاجئ وغير متوقع، تمدد حسين كمال على "كنبة "في بيت أخته الوحيدة وطلب "شاياً" عادوا إليه فوجدوه قد سلم الروح في 

العام 2003. 

الكتاب الذي صمم غلافه وأخرجه داخلياً حسن حداد تحية لمخرج كبير 

متعدد المواهب قدم أجمل الأفلام وأكثرها تأثيراً في السينما  المصرية.