رضا المحمداوي
هي لحظة ٌ
من رهبة وخشوع
لَفَحَني عطرُكَ فيها
وفاحتْ زوايا جنانِكَ بالأريج
وعِندَ باب حضرتِكَ..
نَسِيتُ دعائي..
وتَلَعثمتْ لغتي..
وتَبَعثرَتْ الكلماتُ..
في فمي..
واستحالَ لساني حجراً
فحشرجتْ روحي:
- أتأذنُ لي يا سيدي بالدخول؟
ورأيتُكَ مِن خلال الشبَّاك
تُشيرُ إليَّ..
بيد ٍ مبتورة الأصبع
ما زالتْ تنزُّ دماً:
إنْ تعال َ
فأنا بانتظارِكَ..
فاقتربتُ وَجِلاً
وَجَسَدي العاشقُ يرتعشُ
لفرط ِ لهفتي عليك
ودنوتُ مُختنقاً بعبرتي
ومددتُ كفي لمصافحتِكَ
وأنا أتلمّسُ ذهب ضريحك المحفوف بالنور
واشتعلتْ بي رغبة ٌ
وأنا أشقُّ طريقي بالخطوة ِ المُرتَبِكة
بين َ حشود المُحبِّين
أنْ أطبعَ قُبلةَ عاشق ٍ
على جَسَدِكَ المُتَوَّج ِ بالضياء
فأختلستُ خطوة ً
وتماديتُ في طمعي بمحبِّتكَ
حتى لامستكَ
وحينَ هَممتُ بتقبيلكَ
ارتعشتْ شفتاي
وأخذتْني رعدة ٌ
وارتبكتْ رؤاي
لحظتها..
رَفرَفَتْ أجنحةُ الملائكةِ حولي
وَحمَلتْني معها
إلى تلكَ الظهيرة المُزمجِرة
حيث استحالتْ الرمالُ عَطَشاً
مِن لفح الهجير
ورأيتني أقصدُ نهرَ العلقمي
وأملاُ قُربة "العباس" بالماء
حيثُ أودَعها عندي
بعدما قطعوا كَفَّيْهِ
وحالوا بينهُ وبينَ الوصول
ورحتُ أصدُّ عنكَ سنابكَ الخيل
وأردُّ السهامَ وطعناتِ السيوف
وأقولُ لكَ:
هذا ماءُ الفُراتِ دونكَ يا سيدي
فاشربْ..
وأسقيكَ بيديَّ
حتى ترتوي
ثُمَّ دَعْنا نتوضأُ ببعض ٍ منهُ
ونقيمُ صلاتنا
- رغمَ جحودِهم -
مَعَ ما بقيَ
مِن أصحابِنا القلائل
فما زالَ صوتُكَ الهادرُ
يتردَّدُ في الأرجاء
(لا.. وألف.. لا)
فتقدَّمْ يا سيدي
وَصلِّ بنا
صلاةَ الرفض والانعتاق
كي نقطعَ عليهم
طريقَ القطيعةِ الذي مَلأَوهُ
بالدماءِ..
والخراب..
وفسادِ الذمم.