نجاح العلي
كما هو معروف ان مصر ولبنان هما من وضعا اللبنات الاولى للاعلام العربي، وهما مدرستان اعلاميتان مازلنا نتعلم منهما حتى الان، قبل ايام نشرت مؤسسة "اليوم السابع" الاعلامية خبرا حمل عنوان "اللبنانيون يتكالبون على المتاجر مع فرض حظر التجوال" لكن هذا العنوان اثار امتعاض وغضب
اللبنانيين، ما دفع وزيرة اعلام لبنان منال عبد الصمد الى بعث رسالة احتجاجية الى الحكومة المصرية عن هذا العنوان، بدورها بادرت صحيفة اليوم السابع الى نشر اعتذار للبنانيين وقامت على الفور
باستبدال كلمة "يتكالبون" الى "يتزاحمون".
غضب اللبنانيون من مفردة "تكالب" التي لديها معنى في الذاكرة اللبنانية بأنها تعني صراع الكلاب، مع العلم ان التراث العربي مليء بمفردات التكني بالكلب عند مدح الاخرين، كما قال الشاعر العربي البغدادي الفصيح علي بن الجهم عند مدحه للخليفة العباسي المتوكل في مطلع قصيدته: "انت كالكلب في حفاظك للود.."
ما يهمنا هنا هو كيفية التعاطي مع هذا الامر في وسائل الاعلام لكلا البلدين فلبنان بادر بالطرق الدبلوماسية بالطلب بتصحيح الخطأ، وفعلا تم ذلك بسرعة مع نشر اعتذار رغم ان وسائل اعلام مصرية علقت على الامر بان مفردة "تكالب" تستخدم بكثرة في خطابها الاعلامي، ولا تحمل معاني سلبية، كما يحصل في وسائل الاعلام اللبنانية، لكن لكل بلد خصوصيته، وهناك عدد من المفردات حمالة اوجه في معانيها واستخداماتها،
فعلى سبيل المثال لا الحصر مفردة "عصابة" معناها اللغوي انها جماعة من الناس، ولا تحمل معنى سلبيا،
واشتقت منها "عصبة الامم" لكن في المعنى الشائع اعلاميا وشعبيا عندما نقول عصابة يتبادر الى الذهن "مجموعة من الاشرار والسراق"، فالاعلامي يفترض به ان يكون على علم باللغة العربية ومفرداتها واصطلاحاتها ومعانيها،
منعا من الوقوع في الخطأ والحرج والابتعاد قدر الامكان عن المفردات حمالة الاوجه والغامضة،
واستخدام لغة بسيطة وسهلة وواضحة تصل الى القارئ بسلاسة لتصل المضامين الاعلامية الى الجمهور لإحداث التأثير المطلوب، وهذا ما تبغيه كل وسائل الاعلام في جميع انحاء العالم على اختلاف لغاتها
وثقافاتها.