الموازنة وحصة الإقليم

آراء 2021/02/27
...

 سلام مكي 
 
لا يوجد قانون في المنظومة التشريعية العراقية الواسعة، بخطورة وأهمية قانون الموازنة العامة للدولة، ولا يوجد قانون يأخذ وقتا ومساحة واهتماما من مجلس النواب والشارع العراقي، مثلما يأخذه قانون الموازنة، والسبب يعود إلى مساس ذلك القانون بحياة الناس، وقوتهم. وقانون الموازنة، هو الذي يحدد وجهات الانفاق بشقيه التشغيلي والاستثماري، ويحدد أبواب الصرف وكمية الايرادات المتحققة، وغيرها الكثير من الجوانب التي لا تمس حياة الناس فقط، بل تمس الدولة بأسرها. وفي نهاية كل عام، نلاحظ استنفارا برلمانيا وحكوميا وشعبيا وحتى دستوريا، لغرض إعداد مسودة مشروع قانون الموازنة، لغرض ارسالها إلى مجلس النواب لمناقشتها ومن ثم إقرارها.. وقد انتبه الدستور لأهمية الموازنة، من خلال المادة 57 التي نصت: لمجلس النواب دورة انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين أمدهما ثمانية أشهر يحدد النظام الداخلي كيفية انعقادهما ولا ينتهي فصل الانعقاد الذي تعرض فيه الموازنة إلا بعد الموافقة عليها.. 
ورغم التعقيدات والمشاكل التي ترافق أغلب مشروعات قوانين الموازنة التي ترسل من قبل الحكومة إلى مجلس النواب لغرض مناقشة تلك المشروعات ومن ثم إقرارها، فإن أغلب المعوقات، تذوب مع استمرار الاجتماعات والنقاشات داخل اللجنة المالية، وحتى داخل وزارة المالية نفسها. وما يبقى من مشاكل لا تحل إلا في اللحظات الأخيرة، وقد لا تحل حتى بعد عرض الموازنة للقراءة الأولى والثانية والتصويت النهائي عليها، وهي مشكلة حصة إقليم كردستان.. فبعد ان كانت تلك الحصة في السنوات السابقة، تكون من خلال إلزام الاقليم بتسليم ما مقداره 250 ألف برميل يوميا من مقابل إرسال الحكومة حصته من الموازنة، وفي حال عدم التزام الاقليم بتلك النسبة، فإن الحكومة ستقوم بقطع حصة الاقليم من الموازنة.. في قانون موازنة عام 2021 اختلف الأمر كثيرا، من جانب الاقليم ومن جانب مجلس النواب، إذ تصر بعض القوى السياسية على أن يلتزم الاقليم بتسليم كامل عائدات النفط مثله مثل باقي المحافظات المنتجة مقابل الموافقة على منحه حصة في الموازنة، في حين يرى الاقليم بأن تسليم واردات النفط كلها أمر غير دستوري ولا يمكن القبول به. ويستند الرأي الكردي الى نص المادة 112 من الدستور التي تشير إلى أن إدارة الحقول النفطية يخص الحالية فقط، بمعنى الحقول التي كانت موجودة وقت إقرار الدستور عام 2005 ولا يشمل الحقول التي اكتشفت أو تم العمل بها بعد العام  2005، في حين أن المادة 111  من الدستور، تنص على أن النفط والغاز ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات..