د.أحمد الحسيني
منذ 17 آذار من العام الماضي والعالم يعاني من وطأة أشد جائحة في القرن الحالي، وكان من أبرز نتائج هذه الجائحة هو حدوث صدمات على المستويين الداخلي والخارجي، وباعتبار قطاع التعليم هو احد القطاعات المهمة والمؤثرة في مستويات النمو الاقتصادي، فقد تأثر هو الآخر بفعل انتشار الوباء وبسرعة كبيرة جدا في الأعوام اللاحقة لـ 2019، وبحسب تقرير صادر عن البنك الدولي فحتى 28 اذار 2020 تسببت جائحة كورونا (COVID-19) في انقطاع اكثر من 1.6 مليار طفل وشاب عن التعليم في 161 بلدا، أي ما يقرب من 80 بالمئة من الطلبة الملتحقين بالمدارس والجامعات على مستوى العالم. ولعله من المناسب أن نتساءل: ما هي الاثار المباشرة التي تنعكس على التعلم وخصوصا الفئات العمرية (7-22 سنة ) والتي تثير القلق خلال هذه الازمة؟.
وفي العراق كان أصحاب القرار في وضع لا يحسدون عليه، فمنذ اذار 2020 هم بين مطرقة تأجيل العام الدراسي وتحمل الاعباء الاقتصادية والاجتماعية التي ستتولد عنه ومنها حدوث اضطراب كامل في حياة العديد من الطلبة وذويهم، وسندان التعلم الالكتروني عن بعد للحد من تلك الاثار، ومن الجدير بالذكر ان البلدان الاكثر ثراءً في العالم كانت ومازالت الافضل استعدادا للانتقال الى ستراتيجيات التعلم عن بعد والسبب في ذلك هو توفر البنى التحتية والمقومات اللازمة لذلك، إلا أننا في العراق شهدنا قدرا من الابداع وخصوصا في حقل التعليم العالي وعلى مستويات الدراسات الاولية والعليا، وذلك من خلال اعتماد ستراتيجيات كان من شأنها استمرار التعلم وايصال المعلومة الى أكبر شريحة ممكنة من الطلبة.
فمنذ الأيام الأولى من الاغلاق الاجباري للجامعات والكليات بسبب زيادة عدد الاصابات شرعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتشكيل ما يسمى بالفريق الوزاري للتعلم الالكتروني، وأخذ هذا الفريق على عاتقه وبالتعاون مع جهاز الاشراف والتقويم العلمي بصياغة ستراتيجية للتعلم الالكتروني معتمدة بذلك على تجارب العديد من الجامعات والكليات في مضمار التعلم الالكتروني، وكان لهذا الاجراء انعكاسات اقتصادية جيدة.
فقد أدت زيادة الطلب على الخدمات الالكترونية بفعل زيادة الطلب على التعلم الالكتروني وخدمات الاتصالات الى تحريك قطاعي الخدمات والاتصالات وزيادة نسبة النمو في هذين القطاعين بما يعادل (0.7 %) تقريبا، اما عن الاثر الاجتماعي المتولد كنتيجة للاثر الاقتصادي، فقد ادى الاعتماد على ستراتيجيات التعلم الالكتروني المختلفة الى زيادة ما يسمى (حماس المشاركة)، مما قاد الى تقليص فجوة التعلم في العراق، ولايزال العراق يحاول جاهدا من خلال وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي تصميم المزيد من الستراتيجيات التي من شأنها تجاوز هذه الصدمة العالمية، وتمخضت تلك الجهود عن ولادة المزيد من الاتفاقيات مع المنظات الدولية وفي مقدمتها اليونسكو.