نحتاج إلى البرلماني الواعي

العراق 2021/09/14
...

سالم مشكور
بعدَ أربع دورات برلمانية، ما زلنا نرى مرشحين يعدون في دعايتهم الانتخابية ناخبيهم بإنشاء بنى تحية من مجار وشوارع وهو ما يدعو الى التساؤل عما إذا كان هؤلاء يجهلون طبيعة مهمة النائب حقاً أم أنهم يعرفونها لكنهم يحاولون خداع الناس؟. علينا أن لا نلوم المعترضين عندما يقولون إن فلاناً انتخبوه لكنهم لم يروا منه أي مشروع خلال نيابته.
ربما كان الخلط بين الدورين التشريعي-الرقابي من جهة، والتنفيذي من جهة أخرى، من أهم المشكلات التي نعاني منها منذ قيام نظام ما بعد 2003. هذا الخلط لا يقتصر على الدعاية الانتخابية وايهام الناخبين، بل يبدأ من هذه النقطة ليستمر خلال سنوات عمل النائب. لقد رأينا الكثير من القرارات التنفيذية يصدرها البرلمان خلافاً للدستور لتقوم المحكمة الاتحادية بردها والنص في قراراتها على عدم صلاحية السلطة التشريعية اصدار قرارات تنفيذية هي من اختصاص السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة التي تنبثق عن البرلمان في النظام البرلماني كالمعمول به في العراق. 
خلال الدورات السابقة، دخل البرلمان نواب يمثلون كتلا سياسية، غالبيتهلم يكلف نفسه عناء اعداد سياسي وبروتوكولي لمرشحيه، غافلين عن أن سوء أدائهم سيسيء الى كتلهم نفسها. وخلال عملهم لم يكلف الكثير منهم نفسه عناء التعلّم ومعرفة مجريات الأمور، وطبيعة المؤسسات الدستورية ومهامها. كثير منهم دخل البرلمان وخرج وهو لا يميّز بين شبكة الاعلام العراقي وهيئة الاعلام والاتصالات، أو يعترض على إجراء يتم وفق قانون مرّ من البرلمان وخضع للتصويت العلني. لقد ظل النشاط التشريعي مقتصراً على عدد من النواب النشيطين في اللجان الأساسية.
أعلم أن لا برلمان في العالم يكون جميع أعضائه من أهل الكفاءة، فهم اختيار الناس، ومعايير الاختيار لا تكون دائما الكفاءة والخبرة، لكن الترشيح الحزبي يجب أن يراعي ذلك. ولأن النظام في العراق برلماني، أي أن السلطات تنبثق من البرلمان، فان تشكيل البرلمان يجب أن يحظى بعناية كبيرة من جانب الكتل التي تقدم مرشحيها لعضويته فمنه تبدأ كفاءة السلطات الأخرى وبكفاءته التشريعية يجري دفع الوضع الى الامام وبكفاءته الرقابية يتم ضمان تنفيذ 
القوانين.
الناخب أيضا يتحمل مسؤولية انتخاب مرشحين وفق الخبرة والكفاءة وليس الولاءات والمصالح الضيقة. أما المحبطون فلا علاج لإحباطهم بالمقاطعة، انما بالمشاركة الكثيفة وحسن الاختيار، لتقليل فرص نجاح من يرونهم غير لائقين لهذا 
الموقع.
نحتاج الى وعي من الناخبين والمرشحين على حد سواء، بطبيعة ومهام البرلمان وأهميته في النظام البرلماني.