الموروث الإجرامي

العراق 2022/02/09
...

اللواء الدكتور عدي سمـــــير الحســاني
قد لا يخلو مجتمع من الجريمة على مختلف أنواعها ومستوياتها والتي تتراوح ما بين خطرة والتي قد تصل إلى إزهاق النفس البشرية ومنها قد لا يتعدى الابتزاز وفقاً للدوافع التي تؤدي إلى ذلك.
وعلى أي حال فإن كُل ما يحرمه القانون أو ينافي الأعراف والقيم الإنسانية يدخل ضمن الجرائم التي حددت لها القوانين الجنائية عقوبات كلاً حسب جسامتها.
ولعلنا إذا ما تبحرنا بمفهوم الفعل الإجرامي سيتبين لنا أنه سلوك منحرف وشاذ ومخالف لما هو مُعتاد عليه في الحالات الطبيعية، أي أن هناك فعلاً يحتاج إلى الردع والحساب والتقويم.
هذا الفعل المخالف عند البحث بأسبابه ومسبباته سنجد أن هناك عوامل اتحدت وحفزت في شخصية المجرم ودفعته لارتكاب ذلك السلوك، ولعل من أهم العوامل المساعدة هي البيئة التي نشأ فيها ذلك الفرد والتي ستؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في بناء شخصيته وقد يُساعد التطور الإجرامي في تطور السلوك المنحرف والشاذ في شخصية ذلك الفرد والتي تتطور مع الوقت لتكون مصدر جذب للآخرين عندما تتحد الإرادات وعندما يجد ضعاف النفوس أنفسهم أمام مفترق طرق ممكن أن يدر عليهم عوائد مالية قد تغُير حياتهم إلى الترف والغنى، وبطبيعة النفس البشرية التي لا تقنع وتبحث عن المزيد فإن هذه العوائد ستجد سبيلها في طريق الإجرام المتجدد.
وهنا سنُدرك مدى خطورة ذلك على المجتمع لا سيما أن متطلبات الشباب (لكلا الجنسين) في وقتنا الحاضر كثيرة وكبيرة وأن البعض وبدافع الغيرة قد يحاول اقتناء أي شيء مقابل فعل أي شيء، هنا أصبحنا أمام منحدر خطير جداً إذا لم تتم السيطرة عليه من خلال وضع الحلول اللازمة للحد منها والقضاء عليها، وهذا يستوجب توحيد الجهود القانونية والمجتمعية والعائلية والإعلامية إضافة إلى التوعوية وهنا اقصد السير باتجاه توحيد الخطاب الثقافي التوعوي، فاليوم نسمع العديد من التحليلات السياسية في القنوات الفضائية والتي تدور بذات الأحداث السياسية الآنية ولكن لا نجد الخطاب التوعوي الثقافي من خلال تحليل الأحداث الاجتماعية وإيجاد الحلول لها فإين المسلسلات الاجتماعية الهادفة؟. اذا ما استذكرنا الماضي القريب مسلسل (ذئاب الليل) فاليوم نحن بحاجة إلى مثل هذه الدراما الهادفة بدلاً من الأفلام والمسلسلات التركية واللبنانية والتي هي عبارة عن صورة مكررة للوقائع والتي تتراوح ما بين حب وغرام وفاحشة وسرقات ومافيات وتغليب الإجرام على القانون.
وهذه دعوة للشخصيات الثقافية والعلمية والفنية للسعي الجاد والعمل على نشر الثقافة المجتمعية بأسلوب حضاري متجدد يُساير التطورات المجتمعية في ظل الأحداث المتسارعة من أجل خلق مجتمع متعاف فكرياً من النوايا الإجرامية.