ماراثون رمضان الدرامي

الصفحة الاخيرة 2019/06/17
...

 رضا المحمداوي
انتهى الماراثون العراقي للدراما الرمضانية، وانتهى معهُ الصخب والضجيج الذي رافقهُ طوال الشهر الكريم، وهدأتْ الاصوات وانحسرتْ الآراء ووجهات النظر المتباينة، التي دخلتْ في جدل طويل حول الدراما العراقية سواء في البرامج التلفزيونية أم في الصحافة الفنية أو مواقع التواصل الاجتماعي وما ينبغي لها أن تكون عليه من مستوى يضاهي أو يقترب من حدود ما تُقدّمُهُ الدراما المصرية والسورية على وجه التحديد من حيث الكمية الانتاجية والنوعية الفنية.
وما زالتْ الازمة الإنتاجية قائمة لدى اغلب القنوات الفضائية العراقية التي انعكستْ آثارها في قلة الاعمال الدرامية المنتجة لدى كل قناة على حدة، فكان أن انسحبتْ بعض القنوات من سباق الماراثون بعد أنْ كانت من المشاركين البارزين فيه وأخلتْ مكانها الى قنوات جديدة دخلتْ السباق 
مثلmbc العراق.
مساحة الفراغ الدرامي الذي تَرَكَتْهُ شبكة الإعلام العراقي عَبْرَ قنوات (العراقية) العاملة كان كبيراً جداً، ولم يكنْ المسلسل الكوميدي (أيام الإجازة) بجزئهِ الثاني لمؤلفهِ: محمد خماس ومخرجه: علي فاضل في تجربته الاخراجية الاولى ومعه مجموعة الفنانين العاملين في برنامج (ولاية بطيخ) لمْ يَكُنْ هذا المسلسل لينقذ قناة (العراقية) من مأزقها الانتاجي الكبير الذي تمرُّ به منذ سنوات عديدة بسبب الضائقة المالية، ولم يكن،كذلك، التعويل على النجاح الذي حقّقهُ المسلسل القديم (أيام الاجازة)في جزئهِ الاول لمؤلفهِ الراحل عبد الباري العبودي ومخرجهِ الراحل عماد عبد الهادي بحضور ممثله الاول محمد حسين عبد الرحيم ومعه هناء محمد، ليكون،هنا، على أيدي منتجيهِ  من الشباب الجدد سنداً أو مرتكزاً فنياً يمكن الاعتماد عليه في بناء هيكل درامي ناجح يوفر للمسلسل الجديد ميزة التواصل والامتداد مع المسلسل القديم بعد ما يَقربُ من ثلاثين عاماً!
 وحيث كان ذاك الفراغ الدرامي كبيراً في قناة(العراقية) فقد تقدَمتْ مجموعة البرامج الحوارية لشغل ذلك الفراغ بمقدميها - ومعهم ضيوفهم - مثل (تحت خطين) لكريم حمادي و(رمضان عراقي) لايناس طالب و(الجدار الرابع) لعلاء الحطاب و(أكابر) لعباس حمزة و(صفحة جديدة) لهبه باسم.
ومن الخطأ أن يتسرب الاعتقاد بان هذه البرامج الحوارية الطويلة بطريقتها التقليدية وبقالبها النمطي الثابت يمكن أن تكون بديلاً لغياب الاعمال الدرامية، وهذا الامر يجب أن تنتبه اليه الادارة العليا والعامة للشبكة من أجل البحث عن حلول ناجحة لتلافي هذا المأزق الانتاجي.    
 كَسَبَتْ قناة (الشرقية) رهان الجذب والإثارة والمشاهدة بحصانها الاسود  المتمثل بمسلسل (الفندق) لمؤلفهِ حامد المالكي ومخرجهِ حسن حسني، بما أثارهُ من مضمون مشاكس، وصادم،ومفاجئ لدى متابعيه ومشاهديه قبل ان تنتقل حمى الجدل الى موقع (الفيسبوك) بما حفل بهِ من آراء ووجهات نظر مختلفة وتعليقات وانتقادات اجتماعية وفنية عزّزتْ من حضورهِ وزادتْ من نسبة مشاهدتهِ وعمّقتْ من تأثير مضمونهِ ومحتواه.
أما مسلسل (العرضحالجي) لمؤلفهِ فالح حسين العبد الله فَلَمْ يأتِ بجديد وخاصة ً للثنائي الفني الممثل قاسم الملاّك والمخرج جمال عبد جاسم ومجموعة الممثلين العاملين معهم في اعمالهم السابقة، فقد بقي في ذات المستوى الفكاهي المتواضع الذي جاءتْ به أعمال الفنان القدير قاسم الملاك السابقة والتي شاهدناها خلال السنوات الماضية.
هذا بالنسبة للمسلسلات الاجتماعية والكوميدية أما باقي الاعمال الدرامية الفكاهية فقد تقدَّمَ مسلسل (شلع قلع) بحلقاتهِ المنفصلة والمتصلة وبموضوعاته الاجتماعية ومعالجاته الدرامية التي كتبها مجموعة مؤلفين وأخرجها سامر حكمت... تقدَّم هذا المسلسل على اسكيتشات (حامض حلو) للمخرج اسامة الشرقي، التي لم تكن باسلوب مبتكر جديد يحقق التأثير والحضور الفني خاصة ً في ظل المنافسة في حلبة هذا النمط من الاعمال الفكاهية، برغم استعانة المسلسل بممثلين من طراز د. احسان دعدوش وآلاء حسين وعلي جابر.
أمّا مسلسل(باكو بغداد) فلم يكن بمستوى وجود اثنين من الفنانين القديرين جواد الشكرجي ومحسن العلي، وبإختصار شديد كان انموذجاً لسوء الاختيار الفني لجميع العاملين في مفاصل العمل الدرامي.
بقي لدينا (لخة) ذلك النوع الدرامي الهجين والهزيل حيث لم تحسن (الشرقية) اختيار مُقدِّم البرامج(أحمد البشير) ليكون مخرجاً لاحدى شطحاتها وأفكارها العائمة والسائبة، في حين كان بإمكانها استثمار احمد البشير وبرنامجه الحواري الشهير (بشير شو) لتقديم ما هو أفضل وأحسن وبما يتناسب وقدرته وإمكانياته البرامجية.
 هذه الاعمال الدرامية بمجملها لم تكن بالكثرة أو التنوع الكبير بحيث تشكل ملمحاً مهماً في مسيرة الدراما العراقية أو يمكن أن ترتقي الى منطقة الطموح لدى القناة الواحدة نفسها حيث تعرف هذه القناة قبل غيرها ما تعانيه من أزمة إنتاجية بسبب الضائقة المالية يقابلها ما يفرضهُ عليها انتاج المسلسل الواحد من مستلزمات إنتاجية وتبعات مالية كبيرة، وبالنتيجة فإن المآل الاخير الذي آلتْ اليه تلك الاعمال الدرامية  لم يكن بالمستوى الفني
 الدرامي المطلوب.