قال عن نفسه: انه" أصغر منظم مهرجانات سينمائية في العالم"، وهو توصيف قد يبدو مبالغاً فيه للوهلة الأولى، الا ان الذي يعرف محمد الغضبان لا يستغرب ذلك، فهذا الشاب العشريني متعدد المواهب، ادار تنظيم واحد من انجح مهرجانات السينما المحلية فنياً، وهو لم يزل طالباً في المرحلة الثانية بكلية الفنون، وقاد شركة إعلانات في ذات المرحلة، وعمل مصمماً فنياً لمدينة السينما، كما شارك مصوراً ومساعد مخرج في العديد من القنوات المحلية، صفحة " سينما" التقت صاحب فيلم "وثيقة" الفائز بالجائزة الثانية في مهرجان بغداد الجامعي الدولي للسينما والتلفزيون 2019 ، ليحدثنا عن فيلمه فكان هذا اللقاء:
كنت اشاهد العنف يومياً عندما كنت طفلاً في الريف، وهذا ما ترك في داخلي انطباعاً لا ينسى، لذا قررت صناعة فيلم عن بيئتي وواقعي، الذي اعرفه جيداً واعرف قسوته، فالعنف ضد النساء والأطفال نتيجة الأعراف والتقاليد المتحجرة، ولأني مؤمن بالسينما كوسيط يسهم في التغيير، قررت اخراج فيلم يتحدث عن هذه القضية، فكان "الوثيقة" الذي يتحدث عن طفل يقابل فتاة في القطار، فيلتقط لها صورة يحتفظ بها للذكرى، وعندما يكبر يقرر ان يصنع فيلماً عن مأساتها، فهي شابة معنفة قتلت أباها لمحاولته اغتصابها، ثم هربت بالقطار، حيث قصت حكايتها على عائلة الفتى الذي صورها.
* حدثنا عن الصعوبات الإنتاجية لفيلم "الوثيقة"؟
- على الرغم من كون الفيلم، هو اطروحتي للتخرج من كلية الفنون الجميلة، الا أني وفريق عملي تصرفنا بطريقة احترافية، اذ كنت أصر على التصوير في المواقع الحقيقية، بعد ان اخترت الممثلين وفريق العمل، فعلى مدار ثلاثة أشهر، دربنا الممثلين وشيدنا " اللوكيشنات" في ريف الحلة، وهيأنا الاكسسوارات المطلوبة، حيث استعنا بسيدة مسنة من اقاربي لضبط الأزياء والتفاصيل الأخرى، وقد عانينا كثيراً من عدم تعاون الجهات الحكومية في منحنا التسهيلات الضرورية، واعددنا ميزانية جيدة، وكل هذا أعزوه الى شغف السينما، فعلى الرغم من تعثر صناعة السينما في بلادنا، الا اننا نعمل بجنون السينما الجميل.
* لمن تعزو نجاح فيلمك وفوزه بالجائزة الثانية في مهرجان بغداد الجامعي الدولي للسينما والتلفزيون الدورة 34...؟
- كنت محظوظاً بفريق عملي، الذي كان على مستوى عال من المهارة والذكاء، فهم منسجمون معي، وهذا لم يأت من فراغ، إنما هو جزء من رؤيتي كمخرج، فانا اعتقد ان صانع العمل، مهما كان عبقرياً لا يمكنه انجاز فيلم لوحده، وعلى الصعيد التقني صورنا الفيلم بكاميرا "ريد" الاحترافية وبدقة عالية جداً، ادارها بمهارة المصور مهند السوداني، الذي أبدع بتصوير تكوينات هي بالضبط ما رسمته في مخيلتي، موظفاً المكان والفضاءات التي يتميز بها الريف، كذلك ركزنا على المونتاج، الذي هو الخلق الحي للفيلم مرات ومرات، حتى حصلنا على ما نريد.
البناء السردي بدا غامضاً، بعدها تفاجأ المشاهد بان القصة هي تصوير فيلم، هل تعمدت تفسير الاحداث؟
الفيلم موجه للمتفرج، لذا لا بد أن يكون المشاهد جزءاً من عملية فهم وتفسير غموض الاحداث، وهذا ما يصبو اليه المخرج، فالوضوح والمباشرة يفقدان المتعة والاثارة.
*عملت في ادارة المهرجانات وتنظيمها فنياً، لا سيما "3 دقائق في 3 أيام"، حدثنا عن ذلك؟
- من خلال تجربتي في مهرجان" 3 دقائق في 3 أيام" السينمائي بدورته الثانية والثالثة، إذ كنت مديراً فنياً له، وكذلك تجربتي كمنسق في مهرجان بغداد الجامعي الدولي للسينما والتلفزيون الدورة 34، وبحسب المختصين وزملائي، فإن تجربتي مميزة، مقارنة بعمري، فانا أصغر مدير فني لمهرجان سينمائي في العالم من دون مبالغة، حيث أسهمت في تسجيل "3دقائق في 3ايام" على المنصات الالكترونية الدولية، فارتفع عدد الافلام الدولية التي ترغب في المشاركة لاكثر من الف فيلم قصير، فضلاً عن تصميمي لمطبوعاته الاعلانية، بدءاً من الشعار وانتهاء بالجريدة اليومية، من جهة أخرى كنت اسعى لان يكون مهرجان كلية الفنون مميزاً، من خلال انفتاحه على المنصة الالكترونية، حيث بلغ عدد الأفلام الوافدة الى لجنة الفرز 2000 فيلم من 110 دول، وهو رقم قياسي تاريخي، لم يشهده المهرجان على مدار تاريخه، فضلاً عن تركيزي على عملية التسويق والترويج للفعالية من خلال شبكة التواصل الاجتماعي .
*كيف تُقيم أفلام زملائك المشاركة في المهرجان؟
- اعتقد ان زملائي أبلوا بلاء حسناً، فهم مروا بجميع مراحل الإنتاج، وبغض النظر عن جودة المنتج الفيلمي، فإن أهم ما يميز أعمالهم ،هو الابتعاد بشكل واضح عن افلام الحرب و داعش، وتركيزهم على المواضيع الاجتماعية التي يمر بها البلد، وهو أمر صحي جداً بالنسبة لجيل سينمائي جديد.