الناصرية: نجلاء الخالدي
انعطافة مهمة في تاريخ الدراما العراقية، بدأت مع عرض مسلسل "الجنة والنار"، الذي جرى انتاجه في مدينة الناصرية تصويرا وتأليفا واخراجا وتمثيلا، فهو أمر غير مسبوق في الدراما أن يجري انتاج عمل فني خارج بغداد، ويخرج من جلباب العاصمة وتأثيراتها الديموغرافية والفنية عليه، حيث تذهب "كاميرا" فريق بيت الدراما في ذي قار إلى الشطرة والعكيكة وسوق الشيوخ وأزقة الناصرية العتيدة، لتنقل للمشاهدين قصصا مصنوعة بحرفية من مصطفى ستار وفريق ورشة الكتابة، التي يشرف عليها ناظم حسين وحسين الغزي، وأكثر من 150 ممثلا وفنيا أغلبهم من أبناء الناصرية.
هذا العمل الذي رصدت له موازنة تجاوزت المليار دينار، إنما يعبر عن الثقة بإبداع وعطاء منتجي هذا العمل، الذي قدم الدراما الواقعية، التي تنتمي إلى صميم اهتمامات الشارع العراقي.
أبزر نجوم هذا العمل اجتمعوا على طاولة "الصباح" وتحدثوا عن العقبات والتحديات التي واجهتهم خلال مراحل
تنفيذه.
ورشة الكتابة
يقول الفنان محسن خزعل: استغرق التحضير للعمل نحو سبعة أشهر، إلا أن الفكرة كانت تراودنا منذ أربعة اعوام في "بيت الدراما"، الذي تأسس مؤخرا في مدينة الناصرية، وكانت باكورة أعمال مسلسل "الجنة والنار"، الذي يتحدث عن طبيعة العلاقات السائدة في مدينتنا، بلهجتنا المحلية التي فرضت نفسها بقوة، وكانت العلامة الفارقة في هذا العمل الذي جذب المشاهدين اليه، لافتا إلى قصة وإخراج المسلسل، التي قادها مصطفى ستار، كانت السمة المميزة للعمل إلى جانب الجهد، الذي قامت به ورشة الكتابة المبدعة، التي يترأسها ناظم حسين وورشة الممثلين، التي أدراها حسين الغزي بمشاركة أكثر من 150 ممثلا وفنيا أغلبهم من مدينة
الناصرية. وأشار خزعل إلى أن المسلسل كشف عن القدرات والإمكانات والقاعدة الفنية، التي تمتلكها مدينة الناصرية وتؤهلها إلى انتاج عمل درامي متفرد، وهو ما يعني أنها قادرة على استقطاب الممثلين والمنتجين في "بيت الدراما"، الذي يشرف عليه ستار الحربي وهي مؤسسة ساعد على تأسيسها في المحافظة للامين العام لمجلس الوزراء،
لتكون رافدا للفن في المحافظة.
جيل من النجوم
وأكد الفنان محسن خزعل أن "المسلسل نفذ خلال سبعة أشهر، أما ميزانية العمل فقد تجاوزت المليار دينار، وقد تكون هذه التكلفة لمن يسمع بها مبالغة، إلا أنها أقل بكثير مما صرف في رمضان الماضي على مسلسلات كلفت أضعافه، ولم تحقق نجاح يذكر، إضافة إلى أن العمل أحدث طفرة في عالم الدراما، فإنه تمكن من صناعة نجوم جدد أمثال مخلد جاسم، وحيدر محمد، وعمار الحمادي، كرار فلاح وآخرين من أبناء المدينة، بجانب الفنان سنان العزاوي، وأمير عبد الحسين، والدكتور ياسر البراك وعلي عبد النبي".
وتابع: أما عن الانطباعات فالناس متفاعلة جدا ونحن مع من يختلف معنا أكثر ممن يقف معنا، لأننا نؤمن بالنقد وهدفنا الأول هو أن نقدم بيئة حقيقية، قد تكون جديدة على المشاهد العراقي، كما سعينا أن يكون المشاهد جزءا من الحدث من أصبح هو عين الكاميرا، وهذه تقنية جديدة اعتمدنا فيها أن يكون المشاهد جزءا من الحدث، وقد يشعر أن المشاهد فيها نوعٌ من العتمة، وهذا طبعا مقصود بحكم طبيعة الخير والشر، وهي الثيمة التي بني على أساسها المسلسل اعتمدنا الأداء السهل
الممتنع.
خارج أسوار العاصمة
وتحدث الفنان زيدون داخل عن مشاركته في المسلسل، قائلا إن: مشاركتي لم تكن الوحيدة، فقد سبق لي أن قدمت العديد من الأعمال الفنية في الدراما، إلا أن عملي مع فريق "الجنة والنار" كان الأهم، وأشعر بفخر هذه المرة أنني كنت من المساهمين والداعمين لتأسيس "بيت الدراما"، الذي انتج عملا مهما في الناصرية، ويعد الأول والريادي على مستوى صناعة الدراما العراقية، وهو بالتأكيد انبثاقه لسوق جديدة خارج أسوار العاصمة العزيزة، ولا أخفي سعادتي بهذا المنجز، الذي أتحيز له بكل جوارحي يقينا، وأؤمن به لأنه يشكل خطوة لا تخلو من التحدي والمغامرة، ولكن المؤشرات الاولية توحي باجتياز الخطوة الأولى بنسبة عالية، من خلال انتاج مسلسل "الجنة والنار"، الذي افتخر بأني كنت أحد العاملين فيه كممثل، وأن هذه التجربة كانت الأهم لي في الدراما العراقية، وإن كانت فرصي فيها قليلة لتداعيات الاحتكار، ومع هذا فقد دخلنا العمل، ونحن متعاهدون من رواد وشباب من أهل ذي قار وخارجها من أهل الخبرة، ومن أصحاب التجربة الأولى على أن نبذل الجهد في سبيل انجاحها، لا سيما نحن نخوض مع قائد العمل مصطفى ستار الركابي تحديا في الطريقة والأسلوب الجديد، الذي ينصهر بواقعية الحدث ويهشم قواعد قانون اللعبة الدرامية وسياقها التقليدي، ليصنع لنا بطلا دراميا متمثلا بطوبوغرافيا المدينة يستند على زمكانية الحدث، باقتراح صراع دموي بين الخير والشر، ليكون الخيار بين الجنة والنار، معتمدا على ممثلين من
الرواد، ومن الذين كان حضورهم الاول على أن يكونوا على درجة عالية من التلقائية، وعدم التكلف والتصنع والتمثيل والأداء المسرحي وأجزم أنهم نجحوا ونجح المخرج بصناعة مشهد أقرب للحياة من الدراما التقليدية.
البذرة الأولى
ويؤكد الفنان بسام سليم أن مسلسل "الجنة والنار" حلق بعيدا عن السياق الإنتاجي للدراما في العراق، وهو البذرة الأولى لمحاولة خلق سوق درامي جديد في العراق، وذلك ليس لأجل الخروج فقط ولكن لخلق تنوع درامي جديد، وهي خطوة تحسب "لبيت الدراما" في ذي قار هذه المؤسسة، التي يقف على رأسها "ستار الحربي"، الذي عمل أيضا مشرف عام على العمل، وقد تعهد الحربي على نفسه هو وجميع الفريق، الذي معه على أن يكون العمل يحاكي الواقع من دون الخضوع لمزاج انتاجي معين. وهو ما فعله أيضا مصطفى الركابي، الذي زرع البذرة الأولى في خروج الكاميرا إلى الشارع وتسجيل حياة الناس كما هي، وبذلك أعطى للدراما دورا تسجيليا حقيقيا للحياة، ولكي يكون المسلسل وثيقة يرجع إليها الباحثون في ما بعد لمعرفة طبيعة المكان والناس في هذه الفترة الزمنية التي عشناها. كجيل واجه تحديات
كبيرة.
ايمان مطلق
أما الفنان الشاب عمار الحمادي، الذي عمل في المسلسل كمنسق علاقات، وأيضا ضمن فريق الاخراج والتمثيل، فيرى أن العمل هو إضافة حقيقية لكل فناني ذي قار، كما أنها المرة الأولى يخرج الإنتاج من بغداد إلى المحافظات، وهذا بحد ذاته إنجاز يحسب لفريق العمل الذي أبدع في كل تفصيلة، اضافة إلى الجهد الذي بذله الممثلون من أبناء المحافظة، حيث إن ٩٠ بالمئة من المشاركين بالعمل، هم من مدينة الناصرية، كما أن التصوير تم في ذي قار الناصرية والشطرة وسوق
الشيوخ.