باريس: غيث طلال
في عالم السينما، حيث تتقاطع الفنون مع الحياة الواقعيَّة وتنعكس التجارب الإنسانيَّة على الشاشة البيضاء، يبرز عدد من المخرجين والممثلين الذين اختاروا التعبير عن قضايا المجتمع بأسلوب مميز يجمع بين الواقعيَّة والفنّ. ومن بين هؤلاء، مخرج وممثل متفرد في مسيرته، بدأ حياته الأكاديمية بدراسة الرياضيات، لكن سرعان ما تخلى عن هذا المجال ليتبع شغفه بالسينما الواقعيَّة. هذا التحول الجذري في مسيرته يعكس تزاوجًا مثيرًا بين العلم والفنّ، حيث وظف قدراته التحليلية ورؤيته الدقيقة للعالم في أعماله السينمائيّة التي تعكس بصدق الحياة اليومية والتحديات الاجتماعية. التقينا الفنان حيدر خضير في مدينة كولمار الفرنسية عن مسيرته، وكيف ساهمت خلفيته العلمية في تكوين أسلوبه السينمائي الفريد؟
* حدثنا عن رحلتك الأكاديمية.. لقد علمنا أنك درست الرياضيات في بداية مشوارك؟
-هذا صحيح. بدأت دراستي الجامعية في مجال الرياضيات الجامعة المستنصرية، لكنني لم أكملها. مع الوقت أدركت أن شغفي الحقيقي كان في عالم السينما، فقررت أن أترك الرياضيات وأتبع حلمي في الإخراج والتمثيل. أكملت دراستي الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة قسم السينما والتلفزيون فرع الإخراج لقد كانت خطوة جريئة، لكنها كانت الخيار الأنسب لي.
*وماذا بعد الجامعة ؟
- عملت على تأسيس شركة انتاج فنّي في فرنسا "بابلون ارت برودكشن" وهي نقطة الانطلاقة الحقيقية ومن خلالها أنتجت الكثير من الأعمال والمعارض الفنيّة.
*يبدو أن قرار دراسة الفنّ بعيدا عن عالم المعادلات الرياضية كان صائبًا، خاصة بعد الجوائز التي حصدتها. هل يمكنك
أن تخبرنا أكثر؟
- حزت على عدد من الجوائز على مدار مسيرتي الفنية، سواء في الإخراج أو التمثيل. كانت تلك الجوائز تتويجًا لسنوات من العمل الشاق والإبداع، وهي تعني لي الكثير خصوصا وإنها محليّة ودوليّة وتقدير من قِبل النقاد والجمهور على حد سواء، فقد نلت ففي عام 2017 حصلت على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان بغداد وجائزة السور الذهبي وهي الجائزة الأولى في مهرجان البحر الأبيض المتوسط في تونس وجائزة افضل اخراج وأفضل فيلم في مهرجان "بي ارت" في
سوريا.
*بالإضافة إلى الجوائز، نعلم أنك شاركت في مهرجانات محلية ودولية عدة، كيف كانت هذه التجارب بالنسبة لك؟
- المشاركة في المهرجانات كانت تجربة رائعة. من الجميل أن تعرض أعمالك على جمهور متنوع ومن ثقافات مختلفة. لقد شاركت في عدد من المهرجانات المحلية والدولية، وكانت تلك التجارب فرصة لتبادل الخبرات مع صناع السينما من حول العالم، واكتساب رؤى جديدة تسهم في تطور مسيرتي الفنية، مثل مهرجان سينما ضد الإرهاب في أربيل، ومهرجان النهج السينمائي في كربلاء المقدسة، ومهرجان القمرة في البصرة، ومهرجان كان السينمائي في مدينة كان الفرنسية، وغيرها في تونس وليبيا وسوريا.
*من هي الشخصيات التي أثرت على مسيرتك الفنيّة؟
-أنا أميل إلى الفلسفة العبثية ومن بين الشخصيات التي تأثرت بفلسفتها الفيلسوف الفرنسي البير كامو والفيلسوف الروماني اميل سيوران.
*ما هو جديد حيدر خضير؟
-قبل فترة قصيرة انتهيت من كتابة سيناريو لفيلم فرنسي بعنوان "أكاسيا" وهي شجرة قوية وظلّية في الوقت نفسه، عنوان الفيلم يحمل دلالة ويشير إلى المرأة الاوروبية والفرنسية على وجه الخصوص، ويعكس رحلتها في مواجهة الحياة والظروف القاسية التي تمر بها على العكس من الصورة الذهنيّة التي يتخيلها البعض بأن المرأة مترفة وتعيش حياة
الرفاهية.