دعوات إلى الإسراع في تأسيس {بنك الفقراء}

اقتصادية 2024/10/17
...

 بغداد: حسين ثغب 

دعا مختصون في الشأن الاقتصادي الحكومة الى الإسراع في تأسيس "بنك الفقراء"، مشيرين الى أنه خطوة مهمة نحو منح التمويل بعيداً عن الفوائد الكبيرة التي تضعها المصارف الأخرى.

ويعد "بنك القرية" أو ما يسمى "بنك الفقراء"، تجربة بدأت في بنغلاديش وتوسعت بعد تحقيق نجاحات كبرى ليتوسع في 100 دولة حول العالم.


عضو منتدى بغداد الاقتصادي عبّد العزيز الحسون قال: "حسبما سمعته من صاحب الفكرة محمد يونس خان حينما التقينا خلال أحد المؤتمرات في العاصمة الإندونيسيَّة جاكارتا وقال كانت الأسواق تعجُّ بالباعة المتجولين الذين يتوسلون المارة لشراء ما يعرضون، وهذا هو ما لفت نظره ودعاه الى إيجاد مصدر تمويلٍ لهؤلاء بشروطٍ مبسطة جداً.

ولفت إلى أنَّ موظفي البنك يقومون بحمل حقائب تضمُّ النقدَ واستمارات الاقتراض لتمنح هؤلاء قروضاً بسيطة تتناسب مع ما تتداوله في السوق، بمبالغ روبيات قليلة قياساً إلى مستوى الدخل وتكاليف المعيشة، حيث يقوم هؤلاء المقترضون يتوسيع نشاطه.

وقال الحسون: "استفسرت من السيد خان عن المخاطر المصرفيَّة بعد أنْ تكون عمليات بدون ضمانات"، وأكد أنَّ "هذا الأمر محسوبٌ وهو يتوقع أنَّ 20 % من المقترضين سوف يتلكؤون وهذا عنده معدلٌ مقبولٌ قياساً الى قلة مبالغ القروض وما تجنيه الثمانون بالمئة يغطي الخسائر المتوقعة".

وتابع الحسون "بعد سنواتٍ قليلة كان اللقاء الثاني بالرحل الذي كان حماسه قد تزايد إلى حد التفاخر أنه قد غير حياة آلاف البشر بتعاملٍ إنساني خالٍ من وحشيَّة رؤوس الأموال، وسمعت منه أنَّه يسعى لتغيير مفهوم الاقتراض لكي لا يقتصر على الأغنياء وإنما يجب أنْ يكون من حقوق الإنسان الذي يسعي في المحافل الدوليَّة لاعتمادها".

بدوره تحدث الخبير المصرفي سيف الحلفي عن إنشاء أنموذجٍ عراقي مستوحى من تجربة محمد يونس وقال: "تعدُّ تجربة محمد يونس في إنشاء بنك الفقراء في بنغلاديش (بنك جرامين) واحدة من أكثر التجارب نجاحاً في مكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، يمكن تطبيق أنموذجٍ مشابهٍ في العراق لتوفير الخدمات الماليَّة للأفراد الأقل حظاً، بهدف دعم المشروعات الصغيرة وتحسين مستوى المعيشة".

وأضاف أنَّ "هذه الخطوة تتضمن أولاً تحديد اسمٍ للبنك ويبدأ رأس المال بمبلغ "مقترح" دينار عراقي، والذي يمكن جمعه من خلال مساهمات من الحكومة، المنظمات غير الحكوميَّة، رجال الأعمال، والتمويل المجتمعي، ويتمّ اختيار مقرٍ رئيسٍ لهذا البنك".

وأشار الى أنَّ "الهدف من إنشائه توفير التمويل للمشاريع الصغيرة والأفراد الذين لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات المصرفيَّة التقليديَّة، تعزيز التنمية المستدامة والاقتصاد المحلي من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تقليل الفقر وزيادة الاندماج المالي للسكان المهمشين، فضلاً عن تمكين المرأة اقتصادياً من خلال منح قروضٍ موجهة لدعم مشروعاتهن".

وعن طريقة منح القروض قال الحلفي: إنَّ "الفئات المستهدفة هي الأسر الفقيرة والنساء الأرامل والمطلقات والشباب العاطلون عن العمل الراغبون في بدء مشاريع صغيرة، وأصحاب المشاريع الصغيرة المتعثرة"، مشيراً الى أنَّ "شروط منح القروض تتضمن تقديم خطة مشروع مبسطة، والالتزام بتسديد القرض بفائدة مخفضة أو بدون فائدة حسب الاتفاق، وتقديم ضمانات اجتماعيَّة بدلاً من الضمانات الماليَّة، مثل تشكيل مجموعات تضامنيَّة لضمان القروض".

وأشار الى أنَّ "أنواع القروض، تكون قروضاً شخصيَّة صغيرة لتمويل الاحتياجات الشخصيَّة الأساسيَّة "مثل التعليم، الصحة، السكن"، وقروض المشروعات الصغيرة لدعم تأسيس أو توسيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وقروض التضامن يتمُّ منحها لمجموعاتٍ من الأفراد لضمان سداد القرض من خلال التزام جماعي".

وبين أن "الاستراتيجيات التي يتبناها المصرف تتمثل باستراتيجيَّة التمويل المستدام وتعمل على توجيه جزءٍ من الأرباح إلى إعادة الاستثمار في البنك لزيادة رأس المال المخصص للقروض، والتعاون مع المنظمات الدوليَّة والمانحين للحصول على تمويلٍ إضافي، فضلاً عن استراتيجيَّة التدريب والدعم وتتضمن توفير دوراتٍ تدريبيَّة للمستفيدين بشأن كيفيَّة إدارة المشاريع الصغيرة وإعداد دراسات الجدوى، وتقديم خدمات الاستشارات الماليَّة للمستفيدين لضمان نجاح مشاريعهم".

ونبه الى "استراتيجيَّة التوسع الجغرافي والتي تبدأ بالعمليات في المناطق الريفيَّة والحضريَّة المحرومة من الخدمات المصرفية، وفتح فروعٍ صغيرة متنقلة لتصل إلى المناطق النائية".

وعن استدامة البنك بين أنها "تتطلب تحقيق الربحيَّة الاجتماعيَّة من خلال التركيز على الأثر الاجتماعي والاقتصادي عبر تمكين المستفيدين من تحسين مستوى معيشتهم، وتحقيق الاستدامة الماليَّة عبر التأكد من قدرة البنك على تغطية التكاليف التشغيليَّة وتحقيق فائضٍ يعاد استثماره، حيث توقع نتائج لهذا البنك تتمثل بزيادة نسبة الاندماج المالي بين الفئات المهمشة، وتحسين مستوى المعيشة للأسر المستفيدة وتعزيز الدور الاقتصادي للمرأة والشباب في المجتمع، والمساهمة في الحد من الفقر على المستوى المحلي والوطني".

المختص بالشأن الاقتصادي أحمد مكلف وصف بنك الفقراء بـ"الخطوة المهمة، غير أنه في بلدٍ مثل العراق يجب أنْ تتغير التسمية، إذ يتطلع الجميع الى تطوير واقع الاقتصاد العراقي واستثمار الثروات بالشكل الذي يعكس واقعاً إيجابياً على حياة العائلة العراقيَّة".

ولفت الى أنَّ "تجربة بنك الفقراء في العالم توسعت وحققت نجاحاتٍ كبرى ونحن يجب أنْ نعمل على الإفادة من تجربة بنك الفقراء، والذهاب باتجاه جعله منطلقاً لمشاريع تخصُّ الشبابَ والفئات التي تعمل بسوق التجزئة، ودور ذلك في خلق مسارات أداء جديدة تخدم الأسرة العراقيَّة والاقتصاد الوطني".

ولفت مكلف الى أنَّ "البلاد فيها شريحة كبيرة من الأيدي العاملة الماهرة وسواها، فضلاً عن مخرجات الجامعات، ومثل هذا البنك يجب أنْ يستهدفَ جميع هذه الفئات ويقوم نشاطهم ويجعلهم محوراً فاعلا داخل سوق العمل الوطني".