من يواجه مشروع {الشرق الأوسط الجديد}؟

آراء 2024/12/12
...

 نرمين المفتي 


قبل يوم واحد من بدء محاكمته بتهمة الفساد والتي حاول من خلال فتح جبهات حرب مختلفة مع استمرار حرب الابادة في غزة على الغائها، قال رئيس وزراء النازيين الجدد، بنيامين نتانياهو، بأنه حقق للكيان الامن ونفذ قراره بـ (شرق أوسط جديد) واكد انه قرر بأن الجولان المحتل جزءكم (دولتهم) وبأن وجه لاحتلال جبل الشيخ، وأشار إلى العديد من جرائمه التي يراها والصهاينة (إنجازات)، محاولا مرة أخرى بالتأثير على الرأي العام لتأجيل المحاكمة إن لم يتمكن من إلغائها. لا أنوي الكتابة عن محاكمته، إنما عن مشروع (الشرق الأوسط الجديد)، والذي بدأ الحديث به منذ عقود وبأسماء متعددة، لكن الهدف دائما كان نفسه، وهو (سايكس بيكو جديدة) أو كما وصفه سماه المفكر العربي منير شفيق "سايكس بيكو الثاني: تقسيم ما هو مقسم وتجزئة ما هو مجزأ". وكتب العشرات من مفكري وفلاسفة ومستشرقي الغرب الذين يساندون الكيان الصهيوني الكثير من الكتب والمقالات عن هذه الخارطة الجديدة بعد حرب اكتوبر 1973 واصبحت مشروعا يتم الحديث عنها بشدة بعد استهداف برجي التجارة في نيويورك في 11 /9 /2001 وأصبحت الحرب ضد الإرهاب أحد اهم أدواته. ومع دخول قوات المعارضة إلى دمشق وفي اليوم 429 لحرب الابادة في غزة، أعلن هرتسي هاليفي، رئيس أركان جيش الكيان، سوريا "جبهة قتال" بدءا من "هذه الليلة". وكرر المحللون السياسيون وأساتذة مختصون الإشارة إلى (مشروع الشرق الأوسط الجديد)، والذي بدأ منذ اكثر من سنة وستكون خطوته التالية في (تفكيك) سوريا، وأشاروا إلى مقالات برنارد لويس الذي ساهم في صناعة (الإسلام فوبيا) في الغرب والمعروف باستصغاره للعرب برغم من تاريخهم وبأنهم توقفوا عند ذلك التاريخ، وأشاروا إلى أسماء عديدة كتبت في هذا المشروع لإنشاء دول قومية أو دينية أو مذهبية، بذريعة أن الدول الغربية تضم أعراقا وديانات ومذاهب مختلفة. ويبدو أن الكل على يقين بأن المواجهات الطائفية المذهبية في المنطقة، إنما هي من خطط هذا المشروع، ليتساءل الذي يستمع إليهم وأين هي الأنظمة العربية من هذه الخطط، والتي تستهدف جميع المنطقة العربية والدول الاقليمية التي تجاورها؟ ولماذا هذا الضعف الواضح في التصدي لها والعمل معًا لإحباطها؟ وسيكون الجواب في العوامل الخارجية التي تغذي الانقسامات الداخلية الواضحة والعميقة في العديد من الدول العربية ان لم تكن كلها وهي سياسية، دينية، أو عرقية. هذه الانقسامات التي تتحول إلى صراعات تستنزف الموارد المادية والبشرية وتشتت الجهود، ما يجعل من الصعب تحقيق توافق حول كيفية مواجهة التهديدات الخارجية، لأن الأنظمة تنشغل أساسا في كيفية استمرارها متمسكة بالسلطة. ولا بد ألّا ننسىأان لكل دولة عربية مصالحها الخاصة، والتي قد تتعارض مع مصالح الدول الأخرى. هذا يجعل من الصعب تحقيق توافق حول القضايا الإقليمية الكبرى. وطبعا هناك العامل الأهم وهو في التدخلات الخارجية، التي تستغل هذه الانقسامات والصراعات التي هي ايضا خططت لها ووجدت من ينفذها من أبناء هذه الدولة أو تلك وكذلك تلعب على وتر المصالح، اقتصادية كانت أو سياسية، لكي تعزز نفوذها وتجعل من شبه المستحيل أن تفكر الأنظمة العربية في كيفية مواجهة الخطط التي تستهدف تفكيكها. وهناك الضعف في عمل المؤسسات المهمة، والتي تفشل في وضع خطط اقتصادية واجتماعية ورسم سياسة واضحة خارجية وداخلية، وربما تكون النقطة الأهم في فشل الجامعة العربية لتكون مرجعية عربية موحدة في اتخاذ قرارات مهمة وصعبة للمواجهة. قد يبدأ الحل من العمل المؤسسي بالاستعانة بأساتذة جامعيين وخبراء معروفين. كل في مجاله، كما استعان الرئيس الأمريكي بوش ببرنارد لويس بعد 11/9/2001، برغم أن خبرة مثل كونداليزا رايس كانت مستشارته للأمن القومي، بينما يستعين الحكام العرب بالجيوش الالكترونية.. قطعا لا أحاول أن أطالب هؤلاء الحكام بالتفكير في المواجهة جديا، ليس لأن لا وقت، إنما كل واحد منهم عرف كيفية الاستمرار في السلطة وبينهم من سيستعين أكثر بالقوى الخارجية بعد سقوط بشار الأسد، ومن يحاول أن يحرف الرأي العام معه وكما أسلفت من خلال جيوش الكترونية وليس هناك من يرى أبعد من أنفه أو من يومه وفي أحسن الأحوال من غده.