كيم إنجليش: رسامُ اللحظاتِ العابرة

ثقافة 2025/01/21
...

 حسن جوان


تمتازُ أعمال الرسام الأميركي كيم إنجليش بالتقاطها اللحظات الإنسانيَّة السريعة والعابرة، وهذا ما يحتاج إلى دربة طويلة خاصة، وحساسيَّة استثنائيَّة لاختيار الموضوعة التي تتوفر على شروط اللوحة من إنشاء ومنظورات تامَّة المواصفات. وهو أمرٌ لا يشاطر حساسيته سوى مع الفنان الفوتوغرافي الذي يلتقط سريعاً مشهداً قابلاً للتغير والذوبان في اللحظة اللاحقة ضمن حركة الواقع، لكنه يتمايز لدى الرسام عن الفوتوغرافي من حيث أنَّ الكاميرا لا تحتاج سوى أجزاء من الثانية لتثبيت اللقطة على شريطها أو ذاكرتها الرقميَّة، بينما يحتاج الرسام إلى مخيلة ثاقبة وخبراتٍ كبيرة في حفظ اللقطة أو أساسيات التخطيط "السكتش" ومن ثم القيام بمعالجات لونيَّة تضبط اللون والظلال، والحركة في ثباتها اللحظوي، أو في الإيحاء بحركتها، فكيف يحدث ذلك؟


نشأة وتدريب

ولد إنجليش في العام 1957 في أوماها، نبراسكا. ونشأ – كما جاء في سيرته الموثقة في الموقع الرسمي لغاليري ستي آرت- في بلدة ريفيَّة بالقرب من كولورادو سبرينجز، وأكمل تدريبه الفني الرسمي في مدرسة روكي ماونتن للفنون في دنفر، كولورادو عام 1979. بعد التخرج، انضمَّ إلى هيئة التدريس في رابطة طلاب الفنون في دنفر ومدرسة سكوتسديل 

للفنانين.


آلا بريما

يعدّ اسلوب (آلا بريما Alla prima) الذي اقتبس عن كلمة لاتينيَّة قديمة وتعني اعتماد "تقنيَّة في الرسم يعتمد على إتمام العمل الفني في جلسة واحدة، حيث تُطبّق الألوان الرطبة مباشرة على القماش من دون انتظار جفاف الطبقات. يتيح هذا الأسلوب للفنانين التعبير عن الحركة والعاطفة بسرعة وديناميكيَّة، الأمر الذي يُعطي اللوحات طابعًا حيويًا وعفويًا وسرعة في التلوين الخارج.

وهذا يضيف صعوبة لا سهولة كما يوحي هذا التعريف المقتبس، لأنَّه يعني تراكم خبرات عظيمة في حركة الفرشاة اللدنة في معالجة المادة الزيتيَّة المنزلقة وشديدة الحساسيَّة التي لا تغفر كثيراً الخطأ الصغير أو تداخل المتجاورات أو المتضادات اللونيَّة بدرجاتها ونقاء لمساتها. والرسامون يعرفون هذه الحقائق تقنياً ويقدّرون معنى اعتماد هذا الأسلوب-التقنيَّة، ومدى ارتكازها على براعة استثنائيَّة ويدٍ مدربة، فضلاً عن العين الفاحصة والمحللة لدرجات الضوء والظل. هذا ما يجعل لوحات إنجليش نابضة وحيَّة، ورطبة –أو توحي بذلك- حتى بعد جفافها بسنوات. فهي لدنة ومفعمة بالحس الفوري الذي عولجت على أوتاره لحظة خلقها.

علاوة على التقنيَّة، تأتي ثيمة الأعمال كنعصر جذبٍ عالي الوتيرة، بالتوازي مع بساطته الممتنعة، يهجس الرائي روحاً حميمة تجعله يشعر بالمشاركة مع هذه الثيمات وكأنه هو من تصدى الى مهمة تدوينها بصرياً بمساعدة الرائي الآخر. الفنان. وهذا يفسر الإقبال الشديد على اقتناء لوحاته من قبل مختلف المتذوقين لأعماله، لا سيما التي تأخذ شكل مصغراتٍ تروي قصَّة لحظة خاطفة عميقة يوميَّة وخالدة.


عازف بيانو ومؤلف

يذكر أنَّ كيم إنجليش هو أحد المؤلفين الموسيقيين في جيله، ويعزف البيانو ببراعة، وهذا التوازي في تعدد المواهب انعكس على أعماله الفنيَّة في الرسم والتخطيط، فهو يدرس التناغمات التي تبدو متقنة في تنويعاته اللونيَّة وإخراج لوحاته، كما تجد حساسيَّة عازف اليبانو هذا ملاذها في كثيرٍ من معالجاته وطريقة تفكيره كموسيقيٍ بارعٍ يرسمُ أو كرسامٍ بارعٍ يؤلف مقطوعاتٍ 

موسيقيَّة.


معارض وجوائز

تعرض بعض أعمال إنجليش في الأكاديميَّة الوطنيَّة للتصميم، وفي المعرض السنوي لرابطة الفنانين الأميركيين، والفنون من أجل الحدائق، وفي متحف لوفلاند، ومتحف أر ميتشل التذكاري للفن الغربي، والمعرض السنوي لنيكيربوكر، ومع رسامي الزيت في أميركا. كما عرضت أعماله مع تحالف الفنانين الأميركيين وحصل على ميداليَّة الشرف الذهبيَّة. وفاز قبل ذلك بشهادة الاستحقاق وجائزة جوزيف هارتلي التذكاريَّة من نادي سالماجندي في نيويورك.