{ الصباح } تشهد جلسات التحقيق مع قتلة السيد الصدر

الثانية والثالثة 2025/02/02
...

 بغداد: سعد السماك

  قبيل الإعلان عن إكمال الإجراءات القانونية بحق قتلة المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر وشقيقته العلوية بنت الهدى، شهدت "الصباح" وحضرت جلسات التحقيق التي أجراها محققو جهاز الأمن الوطني مع المجرم سعدون القيسي وجلاوزة النظام المباد، حيث جرى الكشف عن مواقع دفن الجثامين الطاهرة للشهداء من آل الصدر وآل الحكيم وعشرات غيرهم من الأبرياء من أبناء الشعب العراقي أبان فترة الحكم الإجرامي المباد. وقال رئيس جهاز الأمن الوطني عبد الكريم عبد فاضل "أبو علي البصري" في حديث خاص لـ"الصباح": إن "الجهات المعارضة لنظام صدام المباد كانت تشمل غالبية مكونات الشعب العراقي، وكانت للشيعة الحصة الأكبر كونهم الأغلبية السكانية، وكذلك كانت هناك أحزاب وتنظيمات سنية وكردية وآشورية وتركمانية، وقد حدثت طيلة فترة وجود نظام البعث المباد انتفاضات شعبية ومواجهات مسلحة ضد إجرام النظام، ولم يستطع ذلك النظام ورغم استخدام أقسى أدوات آلته القمعية بأبشع صورها إنهاء الأحزاب المعارضة ومنها حزب الدعوة الإسلامية وغيره".  

ودعا البصري "مؤسسة الشهداء" و"مديرية المقابر الجماعية" إلى تقديم الإسناد العاجل للمحققين في جهاز الأمن الوطني لإكمال عملية التحري ورفع رفات الشهداء في المقابر الجماعية في (الرمادي ونقرة السلمان)، وكذلك في جسر ديالى باتجاه منطقة بسماية - حيث تم تحديد مكان دفن العلوية الشهيدة بنت الهدى (آمنة الصدر) وشهداء آخرين، لغرض إجراء فحص الحمض النووي "DNN" ومطابقتها مع أسماء الشهداء، لإكمال ملفات التحقيق مع المتهمين وتقديمهم للقضاء العادل.

وبيّن رئيس جهاز الأمن الوطني، أنه "تم تحديد مكان قبر الشهيدة بنت الهدى قرب جسر ديالى باتجاه منطقة بسماية، بدلالة المتهم المجرم سعدون صبري جميل القيسي، ونحن بانتظار رفع رفات الشهيدة".


إعلان رئيس الوزراء

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن أمس الأول الجمعة، القبض على قتلة المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر.

 وقال في تدوينة على منصة "X" ": يثبت رجال الأمن الوطني، ومعهم الجهد الأمني للدولة، أن تفانيهم يجري بالاتجاه الصحيح، نحو ترسيخ القانون، وتأكيد عدم الإفلات من العقاب".

وأضاف، أنه "مع تحقيق العدالة بالقبض على رموز الآلة القمعية المُجرمة للنظام الصدّامي البعثي، قتلة الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه*، وشقيقته، وكوكبة الشهداء من آل الحكيم، ومعهم آلاف العراقيين الذين كُتمت أنفاسهم الشريفة في غياهب السجون، نؤكد منهج ملاحقة المجرمين وإن طال بهم الزمن في هروبهم".


جلسات التحقيق

"الصباح"، شهدت جلسات التحقيق مع المجرم القيسي الذي نفذ بيديه جريمة قتل المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الذي اعترف أنه "كان يجري تنفيذ أحكام الإعدام بمعدل 30 ضحية على شكل وجبات أسبوعية، وأحياناً بمعدلات أكبر".

واعترف المجرم القيسي أن التحقيقات الحالية معه "تمت على وفق الاستنطاق الاستخباري، وعلى قواعد احترام حقوق الإنسان، وأن عملية التحقيق الجارية معنا أفضل كثيراً من التحقيق في مديريات الأمن العامة" أبان حكم النظام المباد الذي كان يعمل ضمنه كجلاّد بصفة ضابط أمن.

وأضاف المجرم، أن "الإعدام كان يجري بشكل فوري عبر إطلاق الرصاص على كل سجين يصدر بحقه حكم الإعدام، وأن عمليات الإعدام كانت تتم في كل مديرية أمن بالمحافظات، وأحياناً يتم تسفير الشخصيات القيادية المعارضة للنظام إلى مديرية الشعبة الخامسة للتحقيق، وبعد إنجاز التحقيق الذي قد يستمر لفترة طويلة، يتم بعدها نقل المعتقل إلى موقف كبير يتكون من بناية بثلاثة طوابق". 


استشهاد الصدر وبنت الهدى

وبخصوص عملية إعدام الشهيد الصدر الأول، قال المجرم القيسي: "لقد استدعيت السيد الصدر للتحقيق أواخر العام 1979، إلا أن مدير الأمن العام فاضل البراك اضطر لإطلاق سراحه بإجراء تكتيكي لتهدئة الشارع الشيعي الذي انتفض في معظم المحافظات في أعقاب تحرك شقيقته العلوية بنت الهدى (آمنة الصدر) وتحشيدها الناس في مرقد الإمام عليه (عليه السلام)"، وأضاف، أنه "بتاريخ 8/4/1980 تم اعتقال السيد الصدر، وأخته العلوية بنت الهدى التي جرى اقتيادها بشكل مباشر إلى الشعبة الخامسة في مدينة الكاظمية، حيث تم سجنها في غرفة خاصة في مكتب المتهم (سعدون صبري القيسي) ونقل الشهيد الصدر إلى الشعبة الثانية".

وأشار المجرم القيسي، "سمعت صوت حزين يصدر من غرفة العلوية بنت الهدى، ففتحت الباب ووجدتها قوية الشكيمة وصابرة، حيث وجهنا لها تهمة التحريض على المظاهرات في ضريح الإمام علي (عليه السلام)، وبعد ذلك استدعينا الشهيدين في صباح اليوم التالي، وجرى نقلهما إلى منطقة جسر ديالى حيث تمت تصفيتهما".

وبيّن المجرم، أن "السيد الصدر قال كلمة أخيرة لشقيقته بنت الهدى (ملتقانا الجنة) خلال عرضهما للإعدام في منطقة جسر ديالى"، واعترف بأنه أطلق النار من "غدّارته" صوب الشهيد الصدر، بينما تولّى ضابط أمن آخر إطلاق النار على العلوية بنت الهدى.

وأضاف، أنه "تم دفن الجثمانين في منطقة جسر ديالى، وأنه بعد يومين صدر أمر من صدام إلى فاضل البراك بتسليم رفات السيد الصدر إلى ذويه، وتم تبليغي بذلك، لكن صدام رفض تسليم رفات العلوية بنت الهدى".


جرائم بحق العلماء

وتطرق المجرم القيسي إلى عملية إعدام المرجع الديني السيد محد تقي الجلالي في العام 1982، حيث أكد أن "النظام أرسل تسجيلاً بصوت الشهيد إلى المرجع الأعلى السيد أبو القاسم الخوئي كنوع من رسائل التهديد لزعامة الحوزة العلمية في النجف الأشرف".

وأضاف، أنه "بعد منتصف 1982، أصدر رئيس النظام المباد صدام، توجيهاً إلى مدير الأمن العام آنذاك فاضل البراك باعتقال مجموعة من شباب عائلة الحكيم، وبلغني الأخير بدوره بهذا الأمر، حيث اتصلت بمدير أمن النجف الذي قام بالقبض على 25 فرداً من عائلة الحكيم وإرسالهم مخفورين إلى بغداد"، مبيناً أنه "بعد وصولهم إلى مديرية الأمن العامة، جاء الأمر بإعدام اثنين منهم (عشوائياً) رمياً بالرصاص".

واعترف المجرم القيسي أنه نفذ الإعدام بحق أحد الاثنين من عائلة الحكيم، وأن الشهيد الثاني تم إعدامه على يد ضابط آخر، وأنه "تم نقل بقية المعتقلين من عائلة الحكيم إلى التوقيف العام في المديرية كرسالة تهديد للسيدين محمد باقر الحكيم وعبد العزيز الحكيم".

وتابع المجرم القيسي في اعترافاته، أنه "بعد ذلك تم نقلي إلى مديرية أمن البصرة، وتم تكليف المتهم المجرم هيثم عبد العزيز فائق (الموقوف حالياً في جهاز الأمن الوطني) بإدارة الشعبة الخامسة"، مبيناً أنه "بعد ذلك لم يعد للموقوفين السابقين من آل الحكيم أي أثر يذكر، كذلك تم اعتقال مجموعة أخرى من آل الحكيم في وقت لاحق".

وأضاف، أنه "تم كذلك التحقيق مع القيادي في حزب الدعوة هادي السبتي من قبل المخابرات بعد القبض عليه في الأردن". 


قتل وإبادة

واعترف المجرم كذلك، أنه "قاد عملية هجوم على عائلة في منطقة السيدية عام 1980 متهمين بالانتماء إلى حزب الدعوة، حيث تم قتل العائلة بأكملها".

وأضاف، أنه "تم في تلك الفترة تنفيذ مديرية أمن البصرة لهجوم مسلح على عائلة الشهيد خالد في منطقة المعقل في البصرة واستشهد بسبب ذلك الشهيد وأمه وأبيه"، مشيراً إلى "تنفيذ عمليات دهم وقتل شخصيات متهمة بالانتماء إلى حزب الدعوة في المحافظات كافة للأعوام من 1979 ولغاية 1985"، معترفاً باعتقال آلاف الأبرياء واقتيادهم إلى المقابر الجماعية في مناطق الرمادي ونقرة السلمان وجسر ديالى. 

وختم المجرم سعدون القيسي أيام تسنمه لمنصب مدير أمن البصرة في العام 1984 بقيادة عملية هجوم على المعارضة في أهوار البصرة، إذ استشهد على إثرها 12 من الثوار بواسطة الطائرات المروحية. 


تفاصيل القبض على المتهمين

وكان المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني، أرشد الحاكم، قال في كلمة له بشأن تفاصيل عملية القبض على زمرة إجرامية من أزلام النظام البائد: "ألقينا القبض على 5 من أعتى المجرمين من أتباع النظام البائد وقتلة الشهيد الصدر وشقيقته وآلاف العراقيين"، لافتاً إلى أن "عملية إلقاء القبض تمت وفقاً لأحكام قانون حظر حزب البعث المحظور وبتنسيق عالي المستوى مع جميع الجهات ذات العلاقة والمؤسسة القضائية".

وأضاف أن "المتهم الأول سعدون صبري جميل القيسي رتبته لواء، واعترف صراحة بتنفيذ الإعدام بسلاحه الشخصي بحق السيد الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته وتنفيذ الإعدامات الجماعية للمعارضين بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامية وأيضاً إعدام 8 مواطنين ودفنهم في مقابر جماعية في الفلوجة وجسر ديالى وإعدام 2 من شباب السادة آل الحكيم وقتل معارض في أهوار الناصرية".

وأشار إلى، أن "المتهم هيثم عبد العزيز فائق رتبته عميد ومن جرائمه الإشراف على عملية إعدام السيد الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته وتنفيذ الإعدام بحق مجموعة من أعضاء حزب الدعوة الإسلامية".

وتابع، أن "المتهم خير الله حمادي رتبته لواء ومن أبرز جرائمه قيادة حملات اعتقال وتعذيب بحق أبناء قضاء بلد بذريعة الانتماء السياسي والمشاركة في عمليات إعدامهم ودفنهم والإشراف على قمع المواطنين الأكراد الفيليين في بغداد وإصدار وتنفيذ قرارات بالتهجير القسري لعوائل المعارضين في بلد إلى (نقرة السلمان) التورط في جرائم قطع الأيدي في كركوك وتنفيذ العديد من الاعتقالات والإعدامات بحق المعارضين في بغداد".

وأكمل، أن "المتهم شاكر طه يحيى رتبته لواء ومن أبرز جرائمه المشاركة في إعدامات معتقلين أكراد عام 1984 في بغداد ومنع إقامة مجالس العزاء على خلفية اغتيال السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر والمشاركة في قتل المواطن المعارض سليمان برينجي". ولفت إلى، أن "المتهم نعمة محمد سهيل صالح رتبته لواء ومن أبرز الجرائم قيادة حملات اعتقال وتعذيب استهدفت أكثر من 40 طالباً جامعياً من جامعة السليمانية وجامعات أخرى والملاحقة المستمرة لأعضاء الأحزاب الإسلامية".

وأضاف، أن "العملية تمت بجهود عراقية وتعاون عالي المستوى، والتحقيق تم في جهاز الأمن الوطني واستمر 5 أشهر مع المتورطين وامتد التحقيق لأكثر من 500 ساعة، وتأخر الإعلان جاء من أجل استكمال باقي الأهداف والمطلوبين".

وأوضح أن "رئيس جهاز الأمن الوطني (أبو علي البصري) هو من جلب المتهم سعدون صبري وعلى ضوء اعترافاته تم القبض على باقي المتهمين".


حزب الدعوة وتيار الحكمة

وأشاد حزب الدعوة الإسلامية، في بيان، بالجهود التي أسفرت عن اعتقال قاتل السيد الشهيد محمد باقر الصدر، وقال الحزب في بيان: إن "المجرم المدعو (سعدون صبري)، الذي كان مديراً للشعبة الخامسة ثم لعدد من مديريات الأمن، قد نفذ جريمة العصر بقتل المرجع والمفكر الإسلامي الفذ الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بأمر من طاغية العراق صدام المجرم، وقد اعترف بفعلته الشنعاء، وهو الآن ومعه مجموعة من ضباط الأمن تحت يد الأجهزة الأمنية المعنية، فلا بد أن ينال جزاء ما اقترفت يداه الآثمة، لأن الأداة المنفذة، والشخص الآمر، ومن شارك معهم كلهم شركاء يتحملون وزر الإجرام والتبعات القانونية لفعلهم بموجب قانون العقوبات العراقي والقوانين الدولية، فضلاً عن أن هذا المجرم قد قام بتصفية الكثير من السجناء في أقبية الشعبة الخامسة ومديريات الأمن العامة، مما يجعله مسؤولاً مباشراً عن هذه الجرائم البشعة ضد المعتقلين".

كما ثمّن تيار الحكمة الوطني، جهود عملية القبض على قتلة العلماء والشهداء. 

وقال المكتب السياسي للتيار في بيان: إنه "في الوقت الذي يثمن فيه تيارُ الحكمة الوطني جهودَ رجال الدولةِ الأبطال في الأمن الوطني والأجهزة الأمنية الرديفة بالقبض على قتلة العلماء والشهداء، ويشدُّ على أيادي المخلصين من أبناء العراق في ملاحقة أذناب البعث الصدامي وزبانيته لإنزال القصاص العادل بالقتلة والمجرمين، فإنه يستذكرُ بفخرٍ واعتزاز تلكَ النفوسَ الشمّاء والدماءَ الطاهرة والمواقفَ المدوّيةَ من أُسرةِ آل الحكيم الذين تلاحمت دماؤهم مع دماءِ الشهيد الكبير السيد محمد باقر الصدر، لتزعزع عروشَ الطغاة والظالمين وتفتح للشعب المظلوم باب الحرية والخلاص".

وأشاد نواب وقانونيون وخبراء سياسيون بجهود الحكومة والأجهزة الأمنية التي أطاحت بالمتورطين بقتل المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر وآل الحكيم والآلاف من أبناء الشعب العراقي.