عبد الكناني
استحوذت برامج كانت تقدم من التلفزيون البغدادي في الستينيات، على متابعة جماهيرية، برغم ثقل مادتها على المشاهد الشعبي البسيط، بيد ان من اصبح الكتاب صديقه في مرحلة الستينيات واكتشف ان لديه شيئا من موهبة في الشعر او الكتابة النثرية او استخدام الريشة والازميل والطين الاصطناعي والحقيقي او استهوته الموسيقى لاسيما العالمية “السيمفونيات” وغيرها، او احب السينما والمسرح والاذاعة والتلفزيون، وجد في برنامج “الندوة الثقافية” الذي كان يعرض في الساعة العاشرة من كل يوم اثنين، وتناوب على تقديمه المؤرخ د. حسين امين وأ. سالم الالوسي.. رحمهما الله، حيث كان هذا البرنامج من اهم الفقرات التلفزيونية التي تابعها المثقفون واصحاب المواهب الادبية والفنية في الحقبة الستينية بما يختاره من موضوعات ثقافية متعددة ومتنوعة تلامس رغبات وتطلعات النخب المثقفة والمهتمين بشؤون الادب والفن والثقافة بشكل عام، يضيف اسماء شهيرة ومعروفة للحديث فيها.
ومن القضايا التي خلقت جدلا “عروبة شكسبير” التي نادى بها د. صفاء خلوصي في الستينيات ودافع عن فرضيته واعتقاده ويقينه عن طريق البرنامج.. وقضية الادب الجاهلي التي اثارها د. طه حسين.
ضيوف البرنامج يجتذبون الجمهور الواعي الى الشاشة الصغيرة، على الرغم من عرض البرنامج في وقت متأخر وعلى مدى ساعة كاملة، وغالبيتهم من طلبة الثانوية والجامعات والموظفين، اذ كان الموظف المدني في تلك الحقبة ينعت بالمثقف حتى لو أنه يقترض قبل نهاية
الشهر.
أسهم برنامج “الندوة الثقافية” في تهذيب الطباع من خلال التاثير في مشاهديه، عبر ما تتناوله حلقاته من افكار موضوعات تتعلق بالذائقة والسلوك الاجتماعي المقبول وقيم التعاون والإيثار، المستمدة من التراث الغني والدين الحنيف والمجتمع العراقي المتنوع والثري والمتماسك.
كما عرف بجوانب الثقافة وادواتها ومظاهرها فنا وادبا.
وفي احدى حلقاته تناول فوز فيلم “الحارس” إخراج خليل شوقي، بالجائزة الاولى مناصفة مع فيلم تونسي في مهرجان قرطاج، وضيف ابطاله مكي البدري وقاسم حول وزينب. وناقشت حلقة اخرى الموسيقى، وحظيت مسرحية “الدبخانة” باهتمام احدى حلقاته.
ان البرنامج شكل نقطة جذب للجمهور في المناطق الشعبية بدلالة زيادة عدد مشاهديه، واصبح من الملامح الجميلة لتلك الحقبة.