‏الأبنية المدرسيَّة وجودة التعليم

آراء 2025/02/19
...

 حسين علي الحمداني

 

بين الحين والآخر تطرح الكثير من الرؤى حول تطوير العملية التربوية والتعليمية في العراق، التي تعاني من تحديات كبيرة في أكثر من مفصل من مفاصلها الحيوية، وهذه التحديات هي عامل مهم ورئيس يمنع دخول العراق إلى تصنيف الجودة العالمي في مجال التربية والتعليم، الذي يسعى له العراق منذ أكثر من عقد من الزمن دون أن يتمكن من ذلك لأسباب نحاول إيجازها هنا بغية وضع ما يمكن وضعه من نقاط على الحروف.

التحدي الأكبر يتمثل بأن في العراق أكثر من 28 ألف مدرسة ما بين رياض أطفال وابتدائية ومتوسطة وإعدادية ومهنية، مع وجود أكثر من 11 مليون تلميذ وطالب في هذه المدارس، مقابل ذلك عدد الأبنية المدرسية ربما لا يتجاوز 12 ألف بناية مدرسية منها أكثر من 200 مدرسة طينية وأخرى عبارة عن كرفانات أي ثمة أكثر من مدرسة في البناية الواحدة سواء بدوام ثنائي أو ثلاثي، وينطبق هذا الأمر على (المدارس الابتدائية والمتوسطة) بنسبة عالية جدا مما يفقد المدرسة العراقية ميزات عدة أهمها وقت الدوام، حيث يتم تقليصه أحيانا ليصل إلى أربع ساعات في اليوم، وبسبب الزخم في الصفوف يتم الاستغناء عن المختبرات العلمية وغيرها والتي تم تحويلها لصفوف دراسية، مضافا لذلك تقليص الفرص بين الدروس مما يؤدي إلى دمج درسين معا وهو أكثر من طاقة التلميذ الاستيعابية.

وبالتالي نجد أن نقص البنايات للمدارس احد أهم الأسباب التي تؤثر في جودة التعليم بسبب عدم استقلالية المدرسة في البناية ووجود أكثر من شريك فيها يؤثر سلبا في ما يقدم في كلا المدرستين، ورغم أن مسعى الحكومة في السنتين الأخيرتين في عملية بناء عدد من المدارس، وصل إلى أكثر من ألف مدرسة في العام الماضي، وهي بادرة جيده تؤشر إلى اهتمام الحكومة بهذا القطاع، إلا أن هذه البنايات الجديدة لم تؤدِ إلى فك الزخم في المدارس أو إنهاء حالة ازدواجية الدوام، لأنها حلت بديلة لبنايات مدارس متهالكة من جهة، ومن جهة أخرى زيادة عدد المشمولين بالتعليم الإلزامي، ومن جانب آخر زيادة الأحياء السكنية الجديدة، التي تفتقد لبنايات مدارس خاصة في مراكز المدن، التي توسعت بشكل كبير جدا. ناهيك عن أن العراق وبحكم زيادة السكان يحتاج سنويا بحدود 200 مدرسة جديدة في عموم المحافظات، لذا فإن عملية التخطيط التربوي يجب أن تضع في حساباتها إعادة ترميم وتأهيل المدارس الحالية من جهة، وبناء مزيد من المدارس، سواء في القرى أو مراكز المدن من استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب في مختلف المراحل الدراسية.

من هنا يمكننا القول إن المنظمات العالمية المعنية بجودة التعليم تنظر بالدرجة الأولى لبناية المدرسة وما تضمه من مختبرات وساحات ومرافق أخرى تؤدي إلى جودة التعليم.