العراق وموقفه مما يجري في المنطقة

آراء 2025/02/20
...

احمد طالب الدفاعي

رغم التحول الكبير الذي طرأ على العراق، من خلال تحوله من النظام الشمولي الى النظام الديمقراطي باحتلاله من قبل الولايات المتحدة الامريكية عام 2003، ورغم مروره بفترة هي الاصعب على الاطلاق متمثلة بالهجمة الارهابية علية منذ عام 2004 مرورا بالحرب الطائفية المفتعلة، وانتهاء باجتياح عصابات  داعش الارهابية لست محافظات عزيزة، إلا أن العراق نهض بشكل مذهل بخلاف من راهن على انتهائه وضرب قدراته والقضاء على تاريخه العريق.

ورغم أن هذه الأحداث وضعت العراق في اطار صورة نمطية، انسجمت مع تنوعه القومي والديني والمذهبي، تمثلت بتشتت الذوق السياسي والمواقف المختلفة مع قضايا العراق والمنطقة، إلا أن سياسة العراق مع هذه القضايا كانت تدار باحترافية شديدة سارت بالبلد بخطوات عريضة إلى أن استقر في الوقت الحالي سياسيا واقتصاديا وعمرانيا، فضلا عن وجود رؤى جديدة تتمثل بجعله من اكبر بلدان العالم بالاستثمار ومحط انظاره ومستقطب لكل الدول الكبرى وشركاتها.

لكن هذا الامر ليس معناه ان تشتت المواقف انتهى، فنحن في داخل العراق نعترف ان المواقف ما زالت مختلفة، وهذا الاختلاف يرجع ربما لخلفيات دينية او عقائدية بحتة، تجعلها تتقاطع حتى مع رؤية الدولة التي تدير الامور في البلد، وهذا الامر بدا واضحا من خلال الاحداث الاخيرة في فلسطين ولبنان، والتطور المهم الملفت في سوريا.

لكن الشيء الذي يستحق الوقوف عنده، هو بكيفية تعامل العراق مع هذه الهزات الكبيرة في المنطقة، مع الاخذ بعين الاعتبار الضغوط الخارجية لدفع العراق الى اتخاذ مواقف تنسجم مع سياسة الادارة الامريكية، وتستهدف ارادة الشعوب التي جرت فيها هذه التغييرات.

فالعراق بقي ثابتا وواضحا في موقفه بدعم القضية الفلسطينية ولبنان، وبالوقت نفسه حافظ على علاقاته مع امريكا ودول المنطقة بشكل كبير، فضلا عن موقفه وطريقة تعامله مع احداث سوريا المتمثلة بتغيير نظام الحكم فيها.

نعم .. العراق له تخوفاته الطبيعية المشروعة مع ما حدث في سورية، وهذا الامر يفهمه النظام السوري الجديد الذي حاول تقديم تطمينات الى العراق من أجل فتح صفحة بين البلدين على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، الا ان هذه التطمينات لا تأتي بالكلام فقط والرسائل السياسية، انما بأفعال واضحة المعالم.

هذا الامر استقبله العراق بكل رحابة صدر، وربما سوف يتغير بشكل ملفت من خلال القمة العربية المقبلة التي ستجري في بغداد، بحضور المسؤولين السوريين، حيث إن المؤتمر سيكون اول حدث عربي كبير بحضور النظام السوري الجديد.

لكن هذا سوف يتوقف على موقف النظام السوري الجديد الذي يجب أن يقنع العراق، بتقديم تطمينات بحسن ظن بمواقف ليست فضفاضة، وأن يقوم هذا النظام باستيعاب الطوائف التي تتلون بها الفسيفساء السورية، لأن هذا الأمر من أشد ما يقلق العراق، وكما هو موجود في علم السياسة والعلاقات الخارجية ان كل حدث في دولة ما، لابد له ان يمتد الى الدولة الجارة.

إذًا نحن بانتظار هذه القمة التي ستكشف عن الكثير من أسرارها وستحدد الكثير من المواقف.