عبد الزهرة محمد الهنداوي
يتميز قطاع العقارات عن غيره من الانشطة الأخرى، بكونه في حالة صعود دائم، إذ من النادر أن تتراجع اسعار البيوت وقطع الاراضي مثلا، إلا تحت تأثير ظروف قاهرة، تؤدي إلى حالة من الركود أو الكساد المؤقت.
وفي العراق، شهدت اسعار العقارات انفجارا غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، لدرجة أنها فاقت نظيراتها في دول الجوار، وحتى بعض دول أوروبا المعروفة بغلاء أسعارها.
ويُعزى هذا الارتفاع في الاسعار إلى العديد من العوامل من بينها تحسن المستوى المعيشي للفرد، ووجود تسهيلات عقارية من خلال القروض الميسرة التي تمنحها المصارف للمواطنين، ومنها، غسيل الأموال من قبل الفاسدين، الذين استحوذوا على تلك الأموال بطرق وأساليب غير مشروعة، لذلك فهم يلجؤون إلى غسيلها من خلال شراء العقارات بأي سعر كان، ولعل العامل الأخير هو الذي دعا البنك المركزي العراقي إلى إصدار تعليماته، بأن يكون بيع وشراء العقارات التي تزيد اسعارها عن 100 مليون دينار، عبر المصارف، من خلال قيام البائع والمشترى بفتح حساب في المصرف، ومن ثم استكمال الإجراءات.
قرار البنك المركزي لم يحظ بالقبول المطلوب من قبل المتعاملين في سوق العقارات، الذين يتحدثون اليوم عن أن القرار تسبب بخلق حالة ركود شديدة في السوق، لأسباب عدة، منها قلة ثقة المواطنين بالتعاملات المصرفية، فهم لا يطمئنون كثيرا إلى أن بإمكانهم سحب أموالهم في أي وقت يشاؤون، ومثل هذا الأمر قد يدفع الكثيرين إلى التحايل والالتفاف على القرار، وبالتالي قد نتحدث عن فتح منافذ للفساد، كما أن غاسلي الأموال، سيحاولون جاهدين البحث عن ثغرات ينفذون من خلالها للتخلص من السؤال المرعب: (من أين لك هذا؟).
البنك المركزي بقراره هذا يسعى إلى ضرب عدة عصافير بحجر واحد، العصفور الأول يتمثل بمحاصرة الفاسدين، وتجفيف منابع الفساد، وضمان مشروعية الأموال وشفافية مصادرها، قدر المستطاع، والعصفور الثاني، يمثل القرار خطوة ذكية، لسحب الأموال المكتنزة في البيوت، وإدخالها في الدورة الاقتصادية للمال، وبالتالي يمكن أن يسهم هذا الإجراء في توفير المزيد من السيولة النقدية، على الرغم من وجود كتلة نقدية مصدّرة تصل إلى 100 ترليون دينار، منها 70ترليون دينار داخلة ضمن التداولات السوقية والتجارية، أما الـ(30) ترليون دينار المتبقية، فيُعتقد أنها مكتنزة في البيوت، أما العصفور الثالث، فإن خطوة البنك هذه ستكون من نتائجها زيادة مساحة الدفع الالكتروني، وهذه قضية في غاية الأهمية.