وسام دعبول.. التعبير وتحولاته اللَّونية

ثقافة 2025/02/20
...

 هويدا محمد مصطفى


يتميز أسلوب الفنانة التشكيلية وسام دعبول بصياغة واقعية فيها إطار كلاسيكي مستمد من إيقاعات لأشكال وألوان عفوية اللمسة، والمنحازة نحو أجواء الرسم الواقعي المعاصر، ليكون  لوالدها الفنان سمير دعبول الأثر الكبير لشغفها بفن الرسم، فقد أضاف جمال المدينة الساحلية من ازدياد هذا الشغف الذي أصبح سر سعادتها.

بدأت رحلة دعبول الفنية بدأت في مرحلة الدراسة الابتدائية، فقد جذب رسم الصغيرة المدرسين وقاموا بتشجيعها عن طريق مسابقات الرواد، وحثها على ارتياد المدرسة التخصصية في مدينة اللاذقية. لكن تأثرت بوالدها الذي اعتادت على مراقبة طريقة مزجه للألوان وطريقة رسمه للخطوط والأشكال ووضع الظلال. لتكون بداية عملها واحترافها بعد دراستها  اللغة الإنكليزية والاستمرار بالرسم عبر استعمال ألوان الفحم والباستيل، والألوان المائية.

 وحيث بدأت بالرسم على الأقمشة والزجاج وعمدت إلى تخطيط بضع إعلانات وكان لهدوء منزلها وموقعه البحري أثر كبير في إلهامها وتعلقها بهذا الفن الذي أصبح ملاذها وعالمها، فكانت لوحاتها الأولى من وحيّ الطبيعة الرائعة التي كانت تحيط بها، ولوحات أخرى كانت منقولة لبعض الفنانين العالميين.

فقد تأثرت الفنانة وسام بالمذهب الكلاسيكي الواقعي وبفناني النهضة والعصور الوسطى، التي كانت لوحاتهم ومازالت منارة الفن إبداعاً وروعة. فبدت بعض لوحاتها منقولة للفنان ماريللو ورفائيل، وعلى حد قولها "لقد اختارت هذا المذهب لأنه يحاكي الواقع ويجسد عظمة ما صنعته يد الخالق بدون تحريف، ولأنه المذهب الأكثر صعوبة بلا شك".

المذهب الذي يمثل تحديا لا يقبل الوقوع في الخطأ، بعكس المذاهب الأخرى كالسريالي والتجريدي الذي يعطي للفنانين الحيز الأكبر من الحرية والاسترسال بلا قيود.

فكانت الواقعية التحدي الأكبر لها، لتؤكد أن أهمية المجاهرة بقدرة اللوحة الواقعية يكون عبر استحضار اللمسة اللونية المتحررة والمدى التصويري الفراغي، المتعارض مع معطيات الصورة الفوتوغرافية، المفتوحة على نوافذ الارتقاء الجمالي،في تعبير المشاهد الأنثوية والتي تتجسد في إيحاءات وهواجس الافتتان الأنثوي، هكذا تتميز أعمال دعبول في خصوصية فنية والبحث عن آفاق جديدة عبر الدمج مابين الكلاسيكي والواقعي، لإعلان صياغة خاصة بتقنية المناخات اللونية الأكثر شاعرية في مشهد حالم يفيض بالغوص في تنويعات جمالية المنظر الطبيعي. فقد حملت صياغة كلاسيكية رصينة توخت الدقة في الرسم والتأليف وتدرجات اللون، وهي تستعيد مشاهد ميثولوجية معروفة منفلتة نحو معطيات الأسطورة، حيث المرأة آلهة وحب وشعر، تضفي على لوحاتها المزيد من العفوية والتلقائية، التي تصل إليها باستخدام خليط ألوان ومواد مختلفة، وهذه اللمسات تحقق ايقاعية بصرية شاعرية في المدى التصويري التعبيري. 

الفنانة تجد أن المذاهب الأخرى تحاكي الشعور والإبداع، وهي الواجهة الثقافية لكل بلد على اختلافها ويبقى لكل إنسان تفضيلاته، وأن مذهب الفن الحديث هو الأكثر انتشاراً وانطلاقاً من الفن الواقعي، وهو أيضا عبارة عن خطوط وأشكال عشوائية ورسوم لا واقعية تناسب الأثاث، وأن له فنانيه وعالمه.

لكن تبقى الواقعية عالمها وعشقها، حيث تكشف من خلال فنها عن تموجات الحالة الداخلية العاطفية التي تجسد أحلام المشهد وتجعله يتنفس إيقاع الفرح عبر تبدلات الإشارات والحركات والدرجات اللونية والضوئية فالعلاقة بين اللمسة والأخرى في اللوحة. هي علاقة عقلانية تستمد حيويتها من معطيات الواقع، حيث تولي اهتماماً متزيداً بنقل حركة الانفعالات الداخلية، من خلال اللمسات اللونية المتتابعة والمتراقصة، والتي تضيفها على العناصر والأشكال المرسومة بفرح ومحبة.