صالح الشيخ خلف
قبل ثلاثة ايام من انتهاء المهلة التي وضعتها ايران امام الاتحاد الاوربي لتفعيل آلية التبادل التجاري معها والتي تنتهي اليوم الاحد السابع من تموز، اقدمت البحرية البريطانية على احتجاز ناقلة النفط الايرانية «غريس 1» العملاقة التي تحمل 2 مليون برميل من النفط في مضيق جبل طارق بذريعة حملها لنفط متوجهة لسوريا التي وضعت على اللائحة السوداء حسب التصنيف الاوربي .
وزير الخارجية الاسباني الذي تملك بلاده نزاعا مع بريطانيا بشان عائدية مضيق جبل طارق ، نقل ان الجانب البريطاني اقدم على خطوة احتجاز الناقلة الايرانية بناءً على ضغوط مارستها الادارة الاميركية .
الخارجية الايرانية طالبت الافراج الفوري عن السفينة بعدما استدعت السفير البريطاني لدى طهران معتبرة الخطوة «قرصنة بحرية غير قانونية»، في حين ربط رئيس لجنة الصداقة الايرانية البريطانية في البرلمان الايراني مصطفى كواكبيان احتجاز الناقلة مع المساعي الاوربية لتفعيل الالية المالية مع طهران، معتبرا الخطوة اشارة واضحة الى عدم رغبة الترويكا الاوروبية بتفعيل هذه الآلية ومعارضة القرارات الاميركية الصادرة بشان ايران . اما امين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي فانه ذهب ابعد من ذلك عندما طالب السلطات الايرانية اتخاذ موقف مماثل حيال الناقلات النفطية البريطانية المبحرة في المياه الخليجية او بحر عمان حتى وان كانت في المياه الدولية كاجراء «المعاملة بالمثل». الخارجية الايرانية وان كانت قد اكدت استخدام الوسائل الدبلوماسية والسياسية المتاحة من اجل الافراج عن الناقلة المحتجزة، الا ان الخيارات الاخرى لم تكن بعيدة عن العقلية الايرانية في وضع حد لمثل هذه الخطوات وهي ما تشير الى مرحلة جديدة من حرب الناقلات.
واذا كانت حوادث تفجير الناقلات في بحر عمان قد استنفدت اغراضها بعدم تمكن ربطها بايران، الا ان احتجاز الناقلات التي تحمل النفط الايراني يعد خطوة تصعيدية استفزازية للجانب الايراني قالت طهران عنها بانها ستتعامل معها بحزم وجدية تؤثر في صادرات النفط من مضيق هرمز اذا منعت من امكانية تصدير نفطها للسوق الدولية .
وتدافع ايران عن موقفها بشان تصدير النفط لانها غير ملزمة بتنفيذ قرارات وزارة الخزانة الاميركية التي تفرض عقوبات على من يشتري النفط الايراني وليس على ايران بسبب بيع نفطها، وتعتقد ايران ان قانون الاتحاد الاوربي بفرض حظر على سوريا لايمكن سريانه على باقي الدول وانه ملزم لدولها بمقاطعة سوريا ولا ينسحب على باقي الدول، وبذلك فان احتجاز الناقلة الايرانية لا يمكن تبريره مهما كانت الدوافع، اللهم الا حرمان ايران من تصدير نفطها، اضافة الى ان السلطات الايرانية لم تؤكد اتجاه الناقلة الا انها قالت ان الناقلة اذا كانت تريد الذهاب الى ميناء بانياس السوري حسب الرواية البريطانية فانها يجب ان تذهب عبر طريق قناة السويس وليس عبر مضيق جبل طارق المكلف اقتصاديا والبعيد نسبيا عن السواحل السورية.
الرواية التي نقلها وزير الخارجية الاسباني بشان الضغوط التي مارستها الادارة الاميركية لاحتجاز الناقلة دعمها الترحيب الاميركي الذي جاء على لسان مستشار الامن القومي جان بولتون والتي اثارت علامات الاستفهام بشأن رضوخ البحرية البريطانية لقرارات وزارة الخزانة الاميركية .
وتشير بعض التكهنات الى ان الخطوة البريطانية في احتجاز الناقلة الايرانية جاءت متناغمة مع الادارة الاميركية التي ارادت التاثير في موقف كل من فرنسا والمانيا الداعيتين الى تفعيل الآلية المالية مع طهران وجعل المهلة الايرانية تنتهي في السابع من تموز دون تحقيق هذا الهدف، الامر الذي يحرج جميع الاطراف المعنية بما في ذلك ايران لاجبارها على خطوات تحتاجها الادارة الاميركية بما في ذلك المتشددون فيها امثال جان بولتون مستشار الامن القومي ومايك بومبيو وزير الخارجية .
ويقول خبراء الملاحة البحرية ان قرارا يصدر من وزارة الخزانة الاميركية بحجز ناقلة نفط عائدة لدولة ثالثة بعيدا عن قرارات مجلس الامن الدولي ومنظمة الامم المتحدة ومواثيق الملاحة البحرية سيفتح شهية الدول باصدار قرارات بحجز وتفتيش ناقلات عائدة لدول اخرى. وهذا يعني وضع طرق الملاحة في اطار «قرصنة مقننة» مغطاة بقوانين محلية وليست دولية، وهذا يعني ايضا تعريض الملاحة البحرية لخطر جدي بعدما اسهمت القوانين والمواثيق الدولية في تنظيم قانون الملاحة في الممرات المائية .
ان السير بهذا الاتجاه مهما كانت دوافعه سيضر بمصالح الاسرة الدولية. وان سن مثل هذه الممارسات خصوصا من قبل الدول الكبرى سوف لا تقف عند نقطة معينة وانما ستسري الى نتائج كارثية تؤثر في الامن والاستقرار في العالم .