اسطنبول / فراس سعدون
في حديقة ساراج خانة العامة المواجهة لرئاسة بلدية اسطنبول الكبرى؛ وقف عشرات الأتراك والعرب والسوريين، للتضامن مع اللاجئين والمقيمين من أبناء سوريا في عموم تركيا.
وجاءت الوقفة استجابة لدعوة أطلقتها جمعية أوزكور در والجمعية العربية التركيتان، تحت لافتة "لا تعتدِ على أخي"، للرد على حملة عنصرية ضدّ السوريين تزامنت مع انتقال رئاسة بلدية اسطنبول الكبرى للمعارضة المعروفة بمواقفها المناهضة للوجود السوري.
ودافع منظمو الوقفة عن حق السوريين في العيش والعمل، وأعلنوا تصديهم للهجمات العنصرية، ومنها تلك التي طالت محالهم التجارية في حي إكيتللي غربي الجانب الأوروبي من اسطنبول.
وشهد الحي، أواخر الشهر الماضي، مشاجرة بين أتراك وسوريين هاجم فيها بعض الأتراك المحال التجارية للسوريين، إثر انتشار شائعة عن تحرش سوري بفتاة تركية نفاها مسؤولون أتراك لاحقا، بينهم ليلى شاهين أسطى، نائبة رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وغردت أسطى على تويتر لمواطني اسطنبول: "لا تعطوا قيمة لهؤلاء الأشخاص الذين يستخدمون أخبارا لا أساس لها من الصحة في إكيتللي، ويستغلونها لأغراض استفزازية ضد السوريين، وينشرونها في وسائل التواصل الاجتماعي، ويحاولون خلق أحداث ضد السوريين. لا يوجد أي حادث تحرش".
وقال طالب غوني أوزون، عضو مجلس إدارة جمعية أوزغور در، لـ"الصباح" خلال الوقفة: "نحن متواجدون لصد الهجوم العنصري الذي يشن في الآونة الأخيرة، ولا نريد اختفاء الاخوة، وشن الاعتداءات، وسلب الأرواح والأموال"، متهما بعض المجموعات العرقية بـ"افتعال العداء والعنصرية ضد ضيوفنا اللاجئين، وآخر هجماتهم ما حصل في إكيتللي".
وطلب أوزون من الحكومة التركية "معاقبة من يشنون الهجمات، والتصدي لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والطرق الأخرى، وأن تتخلى الحكومة عن السياسات التي يمكن أن تعطي فرصة للعنصرية".
وأعلن سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، وقف تسجيل السوريين في اسطنبول ضمن قانون الحماية المؤقتة، إلا في حالات استثنائية.
ويبلغ عدد السوريين في اسطنبول 546 ألفا و296.
وبعثت ناشطات تركيات في الوقفة رسائل للأوساط الشعبية والرسمية، وحتى مثيري الفتن؛ تحذر من عواقب التعصب ضد السوريين.
وقالت هوليا شكرجي، عضو جمعية أوزغور در، لـ"الصباح": إن "رسائلنا موجهة إلى الشعب التركي، والأحزاب العنصرية المغذية لأفكار الكراهية في تركيا، وحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان للاهتمام بهذا الموضوع الخطير بعد ازدياد الاعتداءات في الآونة الأخيرة".
وتحتضن تركيا أكبر عدد من السوريين في الخارج، ما ينذر بمخاطر أي حملة تستهدف وجودهم.
وقال وزير الداخلية التركي إن عدد السوريين المصنفين ضمن الحماية المؤقتة يبلغ 3.6 مليون، من أصل 4.9 مليون أجنبي في تركيا.
وثمن ناشطون سوريون مواقف التضامن التركية، مدافعين في الوقت نفسه عن "الصورة الإيجابية" للسوريين.
وقال عبد العزيز المحمد، ناشط سوري، في أثناء مشاركته بالوقفة: إن "الشعب التركي شعب عظيم وقف إلى جانبنا واحتضننا لأننا نعيش مأساة، واضطررنا إلى الهجرة بسبب القتل والدمار والتشريد الذي تعرضنا له وليس بيننا وبين الشعب التركي إلا المحبة والأخوة".
وأكد المحمد: "لسنا سيئين، ولا نبحث عن المشاكل، ونحن شعب يلتزم بقوانين هذا البلد، وشعب مؤدب وحضاري، ولدينا طبقة مثقفة، وطبقة عاملة، ولسنا اتكاليين، ولا نحب أن نأكل حقوق الآخرين".
ويزعم المحرضون ضد الوجود السوري في تركيا أن السوريين يزاحمون الأترك على فرص العمل، ويسهمون في خفض الأجور كونهم يقبلون العمل بأي أجر، وهي مزاعم يرفضها المدافعون عن الوجود السوري، مؤكدين أن الأزمة الاقتصادية ومشاكلها من البطالة والتضخم، قائمة بوجود السوريين وقبلهم، وأن الحكومة هي المعنية بحلها.
ويسود قلق في أوساط السوريين من تعرضهم للمضايقات، يوما تلو آخر، في أعقاب فوز المعارضة برئاسة بلديات ولايات كبرى مثل اسطنبول وأنقرة، وقطع بعض الولايات المساعدات عن السوريين المحتاجين.
وزاد من حدة القلق تصريح اسماعيل جاتاكلي، نائب وزير الداخلية التركي، بأن السوريين الذين يتورطون في ارتكاب جرائم خطيرة يفقدون صفة "الحماية المؤقتة"، ويرحلون إلى بلادهم.
وأرغمت سلطات البلدية في اسطنبول وولايات أخرى السوريين العاملين في الأسواق على إنزال اللافتات ومحو الأسماء العربية من واجهات محالهم التجارية.
وأطلق ناشطون وإعلاميون حملات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي شملت إنتاج برامج وتقارير إخبارية، وبث فيديوات، ومنشورات وهاشتاكات بلغات متعددة، في مقدمتها التركية، لدعم الوجود السوري في تركيا.