على انغام العود وصوت ناظم الغزالي، كانت رحلتنا باتجاه الصحراء الغربية لمحافظة كربلاء، التي تبعد 5 كم عن حصن الأخيضر، في صحراء قضاء عين تمر، التي لم نجد فيها سوى الاعشاب المقاومة للعطش والحيوانات المفترسة.
توقف الباص عند نقطة بعيدة عن المكان الذي نبحث عنه ولاول مرة نراه، صُدمنا بالمشهد حيث لا توجد اية اثار او معلم سياحي فقط صحراء.
سرنا مشيا على الاقدام مسافة طويلة، اشبه بقافلة قديمة.. رحالة، الى ان رأينا مكانا شبه مدمر، قال المرشد السياحي: "كنيسة
الاقيصر".
تحيطها الصحراء والمخلفات الحربية من كل الاتجاهات: "هنا دارت معارك تحرير الارض من "داعش" وهذا حائط المذبح، الذي يعلق عليه الصليب".
شامخ بتصاميم تدل على انهُ حائط الصليب وكتابات ارامية تعود إلى القرن الخامس الميلادي، اي قبل البعثة النبوية بـ 120سنة.. اقدم كنسية في الشرق الاوسط، تقع في قلب البادية الغربية لكربلاء، والمذبح يتجه نحو بيت المقدس.
وبسبب كثرة الابنية القديمة الشاخصة والتي تسمّى قصورا في المنطقة وما يجاورها.. قصر الاخيضر, وقصر البردويل، وقصر شمعون، ولكونها كنيسة صغيرة؛ عمد السكان المحليون إلى اطلاق تسمية القصيّر بمعنى تصغير القصر؛ لأنهم لم يدركوا ماهيتها سوى انها بناية عالية اثارية، بل يذهب بعض المؤرخين إلى ان التسمية جاءت من انها القصر
الصغير.
طابوق مفخور أو فرشي، وهذه القيمة البنائية تثبت انها اقدم كنيسة شرقية في التاريخ، بنيت منتصف ستينات القرن الخامس الميلادي، والاستدلال على هذا الامر من خلال العناصر المعمارية المنفذة في بناء الكنيسة والتي لم يعمل بها في العصر الاسلامي وهي العقود البيضوية، عند مداخل الكنيسة؛ مما يدل على العمق التاريخي لمدينة كربلاء على عكس المشهور بانها ترتبط بثورة الإمام الحسين.. عليه السلام فقط.
بجانبها تلول تشير إلى احتمال وجود مدينة كاملة مطمورة تحتها.
في هذه الكنيسة ثلاثة قبور لملوك لم نتعرف عليهم، يبدو انهم ملوك دفنوا مع ممتلكاتهم من الذهب والماس والفضة ولكن تم نبش هذه القبور وسرقة ما فيها من مقتنيات
ثمينة.