حديثٌ عند مداخل العاصمة .. !!

آراء 2019/09/06
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
مَن يدخل الى العاصمة بغداد ليلا، ربما يعتريه شيء من الخوف ، بسبب الظلام الذي ينشر اجنحته في ارجاء تلك المداخل ، ناهيك عن رداءة الطرق فيها ، مايجعل الداخل يتخيل ، ان المدينة التي يهم بدخولها ، هي ليس العاصمة بغداد ، والصورة التي تظهر في الليل ، قد تكون ارحم من تلك التي تظهر لو دخل نهارا ، فالظلام وعلى الرغم من سوداويته ، الا انه في احيان كثيرة يخفي تحت جلبابه الأسود ، الكثير من الصور التي لا تسر الناظرين ، ولكن شمس النهار تظهرها لنا بوضوح
 وشفافية عالية !!
لبغداد خمسة مداخل رئيسة ، ولا يقل احدها عن الاخر اهمية ، فهي تربط العاصمة بشرق وجنوب  البلاد وغربها وشمالها ، وتعاني هذه المداخل ، حالة من التردي الكبير ، نتيجة عدم تنفيذ مشاريع التطوير التي كان ينبغي ان تُنجز في سنوات سابقة ، قبل الأزمة المالية التي ضربت العراق عام ٢٠١٤ ، ففي عام ٢٠١٢ ، أعلنت محافظة بغداد تخصيص ٣٠٠ مليار دينار لتطوير المداخل ، وقالت في حينها ان التطوير سينجز في غضون سنة الى سنة ونصف ، وبوشر في وقتها بوضع تصاميم مستوحاة من الحضارة الإسلامية وتاريخ بغداد ، الا ان المشروع ، وبعد انجاز نسب معينة منه توقف ، ومع هذا التوقف اصبحت الصورة النظرية لأي مدخل من تلك المداخل ، مشوهة
 جدا ، 
مشكلة مداخل بغداد الخمسة ، هي انها مشتركة بين جهتين حكوميتين ، هما محافظة بغداد وأمانتها  ، ولان الانسجام بين الجهتين ، ليس على مايرام ، فقد انعكس هذا الأمر على
 واقع المداخل . 
لتبقى الصورة كما هي ، فالطرق في بعض الأماكن ،  اصبحت عبارة عن أخاديد حادة ،تتسبب بأضرار بالغة للسيارات الداخلة او الخارجة من بغداد ، فضلا عن كون تلك الشوارع غير مؤثثة ، الإنارة تكاد تكون معدومة  الا في بعض الأماكن ، جوانب الطرق وجزراتها  الوسطية  ، مقفرة جرداء ليس فيها شجر ولا ماء  ..حتى لوحات الإعلانات الضوئية التي تلفت أنظار كل من يدخل الى عواصم الدنيا ، لا نجد لها وجودا ،وكأن بغداد ليس فيها مستشفيات او فنادق او مسارح او مراكز ثقافية او مجمعات سكنية او عيادات تجميل ، او حدائق ألعاب ومدن مائية ومطاعم فخمة ومولات ، وفرق رياضية وصحف ومحطات تلفزيونية .. إلخ  ، ولو بادرت كل فعالية من هذه الفعاليات ، بوضع اعلان مصمم بطريقة جميلة ، لغيرت كثيرا من المشهد ، ومنحته شيئا من الجمال .
فهل من المعقول ان تبقى  مداخل العاصمة ، بهذا النحو من التردي ؟..
في حين ينبغي ان تكون مداخل بغداد ، من افضل المداخل ، فهي العاصمة التي يختزن المواطنون من ابناء المحافظات الأخرى ، صورة في منتهى الجمال لهذه العاصمة ، وهذا هو حال عواصم الدنيا كلها ، فمهما بلغت المدن الأخرى من التطور ، تبقى العاصمة هي الأكثر تطورا وتميزا ، لان فيها التخطيط ، ومنها والقرار ، وعليها التنفيذ  ، فكيف بنا ونحن نتحدث عن مداخل عاصمة مثل بغداد ، هذه المدينة  التي تضرب جذورها عميقا في باطن التاريخ ، مدينة تعج بالحياة وتضج بالجمال ، هل من المعقول ، ان يعيش الداخل اليها ، لحظة صدمة عندما تطأ قدماه ، واحداً من 
مداخلها ؟!
لا يمكن ان يبقى حال مداخل بغداد بهذا الواقع المؤلم ، ونحن نشاهد الحكومات المحلية باتت تتسابق في ما بينها لجعل مداخل مدنها ، اجمل من الأخرى ، الا بغداد ، فهي غير معنية بهذا السباق ، في حين ينبغى ان تتولى هي تنظيم وقيادة هذا السباق ، بل وتحقيق المركز الأول فيه .. 
وعندما نتحدث عن السباق ، فلا ينبغي ان يتحدد بالحكومة المحلية سواء كانت الامانة او المحافظة ، بل يجب ان تشترك فيه مؤسسات الحكومة الأخرى ، في إطار حملة وطنية للنهوض بواقع مداخل العاصمة ، كما يجب ان يكون للقطاع الخاص حضورا في هذا السباق ، وما  الضير في  ان نرى صفحة ثانية لمبادرة «الق بغداد» التي تبنتها رابطة المصارف العراقية الخاصة بالتعاون مع البنك المركزي وامانة بغداد أيضا، من خلال مبادرة هذه الجهات بالمشاركة في تطوير المداخل ، لاسيما بعد ان أعلنت وزارة التخطيط والحكومة المحلية عن تخصيص أموال جديدة لأغراض تطوير هذه المداخل ، فمثل هذه التخصيصات يمكن ان تكون مدخلا مناسبا للانطلاق ، ليكون حديثنا المقبل عند مداخل عاصمتنا الحبيبة ، حديثا طيبا  ، وهي تزهو بجمالها وترسم صورة تفيض بهاءً في عيون الداخلين الى بغداد  .. فهو مدينة الجمال والسلام ، لها مني التحية والسلام .