لمحاتٌ من تاريخ التراث البغداديّ

ثقافة 2019/09/07
...

متابعة/ هناء العبودي
 
ضيًفت منصة فولكلور والفنون الشعبية في بغداد مدينة الإبداع الأدبي – اليونسكو الاستاذ رفعت عبد الرزاق في ندوة حوارية بعنوان (لمحات من تاريخ التراث البغدادي: هكذا عرفت شارع المتنبي وسوق السراي) وذلك يوم الخميس المصادف ٥/ ٩/ ٢٠١٩ على قاعة ستي في بيت الحكمة ، ادار الندوة الباحث التراثي عادل العرداوي . 
في البدء اثنى الباحث التراثي رفعت عبد الرزاق على فعاليات بغداد مدينة الابداع الأدبي وقدم شكره وامتنانه لهذه المؤسسة الثقافية التي تحتضن المثقفين ، ومن ثم تطرق الباحث في محاضرته التي حملت عنوان( من تاريخنا البغدادي/ هكذا ادركت سوق السراي وشارع المتنبي ) الى انه من مواليد محلة( سوق الجديد) في قلب الكرخ القديم عام/ ١٩٥٧ وعن اول عهده بالمنطقة التي تضم سوق السراي وشارع المتنبي وانحائها من بناية القشلة وبناية المحاكم المدنية صارت اليوم المركز الثقافي البغدادي إذ كان احد اخواله يعمل في رسم خرائط الدور وكانت مكاتب هؤلاء الرسامين قريبة من دائرة امانة بغداد التي كانت تقع قبالة الباب الكبيرة للقشلة وكانت هذه المنطقة تسمى ايضا محلة ( جديد حسن باشا).
وقد اكد الباحث عبد الرزاق ان السوق سميت بالسراي لقربه من سراي الحكومة او القشلة التي شيدت بعد منتصف القرن التاسع عشر بسنواتٍ قليلة سنة (1856م) ، وقد تناول المؤرخون الجانب التاريخي بالتفصيل واكدوا على انها كانت في العهد العباسي الاخير تعج بالمدارس الدينية والاسواق المختلفة . اضافة الى عرض الكتب ومحلات القرطاسية التي زحفت اليوم على المكتبات ودفعت بها الى شارع المتنبي المتصل به..
*وبين ان السوق والشارع كانا يعملان منذ الصباح الباكر حتى الساعة العاشرة من مساء كل يوم آنذاك وكانت محلاتهما ومكتباتهما تغلق ابوابها صباحات ايام الجمع من كل اسبوع عكس ما عليه في الوقت الحاضر حيث تغيرت الحالة رأسا على عقب خاصة في السنوات الأخيرة. بعد ان كان في بداية القرن العشرين يعج بمحلات بيع الملابس وباعة القرطاسية وعدد من صاغة الذهب من اليهود والصابئة وكانت معاملهم الصغيرة في خان مجاور له باب كبيرة على السوق وهو خان الشابندر حاليا .
*وأشار رفعت عبد الرزاق الى اسماء بعض المكتبات في منتصف الستينيات وأواخرها انه كان يضم عددا من المكتبات التي بقيت في السوق ولم تخرج الى شارع المتنبي من جهة جسر الشهداء ومنها مكتبة السيد باقر الصراف ، ومكتبة الخالد لصاحبها محمود قالبجي ، ومكتبة الزوراء لصاحبها حسين الفلفلي التي اسست سنة 1920 والتي مازالت مكتبته قائمة لحد الان يديرها ولده اكرم حيث تحولت في السنوات الأخيرة لبيع الصور القديمة.. ، ومكتبة احمد  كاظمية وكانت تسمى المكتبة الملوكية ، والمكتبة الحيدرية لصاحبها كاظم الحيدري ، ومكتبة ابراهيم الأعظمي . وان لكل مكتبة من هذه المكتبات قصة وتاريخا .
*واشار ايضا الى ابرز المكتبات التي كانت موجودة في السوق والشارع بداية سبعينيات القرن الماضي التي من بينها مكتبات: ابراهيم السدايري واحمد كاظمية دلال بيع وشراء الكتب الشهير وعبد العزيز القديفي التي كانت مكتبته الصغيرة ملتقى لابرز الادباء والشعراء والباحثين ، والمكتبة الاهلية والعصرية ومكتبة التربية ومكتبة اليقظة العربية والمثنى لصاحبها الكتبي الشهير المرحوم قاسم محمد الرجب ومازالت بنايتها التي شيدت عام/١٩٢٨ قائمة حتى الان والنجاح، لصاحبها حسن حياوي ودار البيان لصاحبها الشيخ
 علي الخاقاني.
* وبين ان من الكتبيين المشهورين في السوق والشارع اسماء لامعة اخرى من بينهم : كاظم الحيدري وولده شمس الدين والشاعر صادق القاموسي ونعمان الاعظمي ومحمود حلمي وبيت الراضي عبد الحسن والدكتور عبد الوهاب رئيس اتحاد الناشرين العراقيين صاحب المكتبة العلمية اليوم ومحمد جواد حيدر صاحب مكتبة المعارف والكتبي المرحوم نعيم الشطري الذي ابتكر اول مزاد لبيع الكتب في شارع المتنبي ايام الحصار الاقتصادي على العراق في تسعينات القرن الماضي، اضافة الى ابرز المكتبات الاخرى في مواقع خارج شارع المتنبي مثل مكتبة مكنزي ودار الكتب والكتاب المقدس في شارع الرشيد ومنطقة الباب الشرقي 
وغيرها..
*ونزولا عند رغبة المشاركين في الاصبوحة فقد تطرق المحاضر الى بعض معاني بعض المفردات البغدادية التي كانت شائعة ومتداولة بين الناس وارجعها الى اصولها للغة العربية او لغات اخرى مثل اللغات الرافدينية القديمة او الفارسية والتركية والكردية والهندية والفرنسية والإسبانية والروسية وغيرها. مثل كلمة (محكان) بمعنى قمع ، (دحج) بمعنى أنظر ، (زقنبوت ) وتعني نبتة عند كسرها يظهر منها سائل ابيض سام ، خاتون بمعنى سيدة .
 *واستذكر الباحث ايضا موقع المخبز العسكري الذي كان قائما الى سبعينيات القرن الماضي الذي كان يؤمن الصمون العسكري الاسمر للوحدات العسكرية في بغداد والذي ازيل وباشرت امانة العاصمة انذاك بتشييد القيصرية القائمة الان وتضم مجموعة من المكتبات المعروفة. وواضح ان الكثير من مكتبات شارع المتنبي كانت تعقد مجالس ادبية صباحية ومسائية يحضرها ابرز شخصيات واعلام ورموز العراق كما هو حال مكتبة المثني ودار البيان والمكتبة العصرية وغيرها..وقد حضر الندوة عدد كبير من رواد المدينة الابداعية اغنوها بالعديد من المداخلات القيمة بخصوص
 الشأن .