إردوغان يضغط بالمهاجرين لإنشاء المنطقة الآمنة في سوريا

قضايا عربية ودولية 2019/09/07
...

اسطنبول / فراس سعدون
 

سلط الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ضغوطا جديدة على الغرب، لدعم تركيا في إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا هذا الشهر، لأهداف بينها طرد التنظيمات المسلحة الكردية المدعومة أميركيا من المناطق الواقعة شرق الفرات، وإعادة توطين نحو مليون سوري مهاجر فيها. وهدد إردوغان بفتح الحدود مع أوروبا، إذا ما واجهت بلاده نزوحا مليونيا من محافظة إدلب، بفعل تقدم القوات السورية المدعومة روسيا على آخر معاقل معارضي دمشق المدعومين تركيا.
توجيه ضغط
وقال إردوغان في أنقرة أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم "حاليا يوجد تهديد إدلب، ويوجد قادمون من أفغانستان وغيرها يأتون من طرف ونرسلهم من طرف آخر، ولكن هذا الترحيل يمكن أن يضعنا في موقف مختلف. ليحدث ما يحدث فنحن مضطرون لفتح الأبواب".
وقررت تركيا استقبال أي موجة نزوح محتملة من إدلب خارج حدودها، وفقا لتصريحات أدلى بها إسماعيل جاتاكلي، نائب وزير الداخلية التركي، الأربعاء الماضي، في أنقرة.
وتقصد تركيا في مثل هذا الموسم من كل عام أعداد كبيرة من المهاجرين للعبور إلى دول الاتحاد الأوروبي، لكن السلطات التركية تواصل إلقاء القبض على معظمهم، بشكل يومي، طبقا لاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي أبرم في آذار 2016، مقابل مساعدة تلقت تركيا منها 3 مليارات فقط.
وقال سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، لفيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الثلاثاء الماضي، إن تركيا ضبطت نحو 237 ألف مهاجر غير نظامي، منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية آب المنصرم، معبرا عن استيائه من "مزاعم" الاتحاد الأوروبي الأخيرة بشأن ازدياد أعداد المهاجرين الواصلين اليونان عبر تركيا.
وذكرت وكالة رويترز أن عدد المهاجرين الذين يصلون اليونان المجاورة ارتفع الشهر الماضي، مبينة أن أكثر من 12 زورقا تحمل 600 مهاجر وصلت اليونان، قبل أسبوع، في أول موجة هجرة من نوعها خلال 3 سنوات، في حين أوردت وكالة الأنباء الرسمية التركية، نبأ إجبار اليونان 66 مهاجرا على العودة إلى تركيا الثلاثاء الماضي.
 
تحديد مهلة
وقال إردوغان لقيادات حزبه "لا قدرة لتركيا على مشاهدة شرق الفرات، مع الضغط الآتي من ملايين الهاربين من جهة إدلب"، مؤكدا "نحن مصممون على بدء إنشاء منطقة آمنة في شرق الفرات بحكم الأمر الواقع لغاية الأسبوع الأخير من أيلول".
وتحدث زعيم الحزب الحاكم عن "فجوة كبيرة" بين "المنطقة الآمنة" التي تريدها تركيا، وتلك الموجودة في مخيلة المسؤولين الأميركان.
ويختلف المسؤولون في أنقرة وواشنطن بشأن عمق المنطقة الآمنة وإدارتها، وهو خلاف قد يؤدي استمراره إلى شن عملية عسكرية تركية ضد التنظيمات الكردية.
ويتزامن الضغط التركي لإنشاء المنطقة الآمنة مع استمرار عمل مركز العمليات التركي – الأميركي الخاص بتنسيق جهود إنشاء المنطقة الآمنة وإدارتها طبقا لاتفاق أبرم، في 7 آب الماضي، بين عسكريين أتراك وأميركان.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن "مروحيتين تركيتين وأخريين أميركيتين نفذت جولة التحليق المروحي المشترك الثالث، في إطار الخطوة الأولى لإنشاء المنطقة الآمنة".وذكر إردوغان أن "القيام بذلك مع أصدقائنا الأميركيين يعد الطريقة المثالية لنا جميعا، ولكن إذا لم تسنح الظروف بإنشاء مثل هذه المنطقة فنحن مستعدون وسنبدأ القيام بهذا العمل بآلياتنا الخاصة".وكشف "هدفنا توطين ما لا يقل عن مليون شخص من الأشقاء السوريين في المنطقة الآمنة التي سيتم تشكيلها على طول 450 كم من الحدود مع سوريا، وجعل هذه المنطقة ملائمة لعيش إخواننا وأخواتنا السوريين عبر إنشاء مدن جديدة، من خلال الحصول على الدعم اللازم من أصدقائنا إذا لزم الأمر".وأعلن صويلو، الشهر الماضي، أن 17 بالمئة من السوريين في تركيا قدموا من مناطق الشمال الشرقي الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية المتهمة بأنها الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني وتنظيم إرهابي في قائمة أنقرة.
ولفت الرئيس التركي إلى أن بلاده تحتضن أكثر من 3.5 مليون سوري كلفها إيواؤهم حتى الآن 40 مليار دولار.ودعا غراندي، بعد زيارة إلى تركيا، المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم، وإظهار التضامن مع تركيا والبلدان المضيفة لملايين السوريين، منذ بدء الحرب الأهلية في الدولة الشرق أوسطية.
 
تحقيق هدفين
وقال أحمد سعيد، الإعلامي المتخصص في الشؤون التركية – السورية، لمراسل "الصباح" في اسطنبول، إن "هناك ملفين تحاول تركيا أن تجد حلولا لها مع أوروبا والولايات المتحدة تحديدا". وتابع أن "الملف الأول هو ملف المنطقة الآمنة المتعلق بالتزام الولايات المتحدة تجاه إنشاء منطقة آمنة بعمق 40 كم، وعلى طول 410 كم تمتد من الضفة الشرقية السورية لنهر الفرات انتهاء بالحدود العراقية – السورية – التركية هذه المنطقة التي تعتقد تركيا بضرورة إقامتها لإبعاد تنظيم (بي واي دي) منها".
وأردف أن "الملف الثاني هو ملف إدلب خاصة أن هناك تعقدا في المشهد داخل المحافظة، وشبه نهاية لاتفاق خفض التصعيد فيها مع استمرار تقدم قوات النظام".
ووجد سعيد أن "تركيا تحاول أن تحمل أوروبا والولايات المتحدة على إقامة المنطقة الآمنة أولا، وثانيا الضغط لدفع الروس إلى إيقاف الحملة العسكرية في ريف إدلب الجنوبي، وريف حماه الشمالي، وكذلك ريف حلب الغربي".وعلق سعيد، وهو إعلامي يغطي الأحداث باستمرار من مناطق الحدود التركية – السورية، على ما يمكن أن يحققه تهديد إردوغان الأخير، بأن "تركيا لديها ورقة اللاجئين، وقد شهدنا في عام 2015 فتح الحدود باتجاه أوروبا، حيث واجهت القارة أزمة، وسقطت حكومات، وكانت هناك ضغوطات من الشارع على الحكومات لإيجاد حلول لهذه الأزمة، وبالتالي فان تركيا تعرف أهمية هذه الورقة، وتحاول على الأقل أن تحقق ما لديها من أهداف سواء ما يتعلق بالمنطقة الآمنة، أم بالعبء، إذ تتحدث عن 3.5 مليون لاجئ لديها، وتقول إلى متى يمكنها استيعابهم من دون أن تكون للمجتمع الدولي وقفة باتجاه إنهاء هذا 
الملف".