فواغي صقر القاسمي

ثقافة 2019/09/14
...

عدي العبادي 
 
رغم هيمنة قصيدة النثر على الساحة الادبية  على اعتبرها  قصيدة  حداثوية تعتمد على الصورة او كما عرفتها الناقدة الفرنسية سوزان برنار بأنها قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، ومع ظهور كم هائل من كتاب النثر حتى صرنا نعيش على ختوم شعراء نثر كثرين ظل لقصيدة الايقاع الحر والعمود وقعها على  الذائقة العامة فهي قصيدة الحماس والتي تترك اثرا في النفوس كما يسهل حفظها بسبب الايقاع كما لها صورها المعبرة وقد ظل كثير من الشعراء العرب يكتبون قصيدة الايقاع منهم الشاعرة العربية فواغي صقر القاسمي تقول في احد
 نصوصها: 
 
أنا الصخر منه ارتواء النهرْ
و إني السماء.... وعاء المطرْ
 
تأخذنا الدلالة النصية الى خيال واسع في مجمل النص فمنذ البداية يدخل عامل  الخيال حيث تصور الشاعرة نفسها بأنها صخرة منه ارتواء النهرْ لتضعنا امام عاملين متناقذين  فالصخر جلد لا يخرج منه شيء والعامل الثاني ارتواء النهر منها وهو يروي الاشياء ان هذه الصورة المعبرة تندرج في خانة الخيال الابداعي فتصور لنا المبدعة من مخيلتها اقتراب المتباعد او مزج المحالات وهذا اسلوب يعرف بقصائد ما بعد الحداثة حيث لا مركزية فيكون تداخل الواقع بالأسطورة او عدم واقعية الواقع واستبادل الاثر بالذات وكما عرفها جاك دريدا، بناقض المعنى لتنصع في النهاية ضربة شعرية ثم تواصل سردها الشعري على قافية مستخدمة براعتها بتنسيق الابيات حتى تصل الى فكر كيدهن عظيم والرجال حطام هشيم تبرز علامات وعي كبير في ربط فكرة العمل بواقع فلسفي لان الاشارة بكديهن عظيم يعني النساء وفي الوجه الثانية تشبيه الرجال بحطام هشيم  تكتمل من خلال هذه الابيات ماهية النص المطروح على طاولة النقد الذي يبحث في مواطن الجمال
 والمعرفة. 
 
جميع ارتحالي إليك احتمالْ
فأنت القريبُ و أنت المحالْ
 
ملامح الخطاب الشعري في نصوص الشاعرة فواغي صقر القاسي خلقت المفارقة لترك المتلقي المعني بالخطاب بجملة من الاسئلة كيف يكون القريب والمحال انها تضعنا بمتاهات ابداعية تركت لنا فك الرموز وشفرة القصيدة للوصول الى ما تريد قوله فمع اشتغالها على وحدة الموضوع واستمرار بوزن وايقاع خارجي أي ما يعرف بجرس القصيدة الخارجي لكنها كثيرا ما تضع لمسة جمالية بل ان اكثر قصائدها تحمل طابعا جماليا واشراقا ومع وصفها للغروب في النص والغروب كما هو معروف ذو طابع حزن لكن الشاعرة اوجدت في جانب جميل ومن خلال وصفها همس الغروب ومع جماليات المنتج الادبي تظهر الافكار المعرفية مكونة منظومة التي وصفها الفيلسوف ولغوي ومنظر أدبي روسي باختين حين ذهب الى ان الابداع ليس ورعة وفنية فقط بل يحمل مفاهيم فكرية واسعة 
 
و لسحرها أسرار
أهواه صبا
عازفا في خافقي
عذب المتون
فترقص الأشعار
 
تحلينا هذه الابيات لنظرة الشاعرة الى السماء التي تكتشف بها بعين الكاتبة سحرها فتترجمها لوحة وقد وظفت الهوى والعذاب في مدرج كما تظهر ضربة بها حداثة بقولها عازفا في خافقي والحداثة كما وصفها فوكو قطيعة معرفية أي الخروج عن المألوف وابتكار لا يجده غير المبدع وبالخصوص الشاعر الذي يكسر كل القواعد مستخدم قدره بالتعامل مع الاشياء بحسية عالية وفي تجربة الشاعرة والكاتبة المسرحية  فواغي صقر القاسمي اتجاه نحو التجديد وصناعة منجز مغاير فتجد بكل بيت اختلاف وصورة مغايرة ان هذا التنوع دليل على قوة الموهب ووسع افاق الكاتبة وقد اجوز لان نصوصها تأخذنا نحو ابعاد لكن استطعت بهذه القراءة النقدية ان اوضح بعض الملامح واطلع القارئ العربي على تجربة مهمة في شعرنا
 العربي.