إن أية مؤسسة ثقافية أم غير ثقافية تستمد وجودها وشرعيتها من القانون، وهذا القانون لابد من أن يكون جامعا لكل متطلبات تلك المؤسسة، ملبيا لأهدافها وحققا الغاية من وجودها، فلابد من أن يكون قانونا ناطقا بكل شيء، أي أنه يتضمن حلا لكل مشكلة، وجوابا عن كل سؤال ممكن أن يطرحه الواقع العملي لتلك المؤسسة. قانون اتحاد الأدباء مثلا، للأسف ساكت عن الكثير من الحالات التي يفترض أنه وجد كي ينظمها، وهذا السكوت ترك فراغا تشريعيا سبب الحرج للاتحاد، مما دفع قيادة الاتحاد إلى ملء ذلك الفراغ من خلال القرارات التي يصدرها المكتب التنفيذي. القانون الذي شرع عام 1980 وفق مقاسات حزبية وايديولوجية خالصة، وفي زمن كانت الدولة فيه خاضعة لفلسفة خاصة ونظام خاص، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبقى هذا القانون نافذا في الوقت الحاضر. القانون وأي قانون هو نتاج مرحلة معينة، يعبر عن تطلعات واهداف تلك المرحلة، أما أن يساق الى مراحل أخر، مراحل اختلفت فيها فلسفة الدولة، وأختلف نظام الحكم، واختلفت الحياة الثقافية وانطلقت الثقافة من زنازين الحزبية الموجهة الى فضاء الحرية غير المشروطة. قانون اتحاد الأدباء، نص تشكيل مكاتب خاصة للشؤون الكردية والتركمانية والسريانية ونص أيضا على أن يتولى إدارة تلك المكاتب أعضاء في الاتحاد يكونون نوابا للأمين العام. فالقانون سمح لأدباء أن يكونوا أعضاءً دائمين فيه ليس نتيجة لانتخابهم من قبل المؤتمر العام، بل نتيجة لانتمائهم القومي، في محاولة من القائمين على تشريع القانون، لفرض وجود أشخاص يمثلون مختلف القوميات والأديان، فخشية من خلو إدارة الاتحاد من ممثلين لجميع شرائح ومكونات المجتمع، كان لابد من فرض شخصيات معينة بعيدا عن الانتخابات، وهو توجه روح الثقافة ومغزاها وقيمها، التي هي قيم تتجاوز الانتماء القومي وتتجاوز الخلفيات الدينية والمناطقية الى فضاء الانسانية بوصفها الانتماء الأشمل والأوحد للجميع. وكانت الكوتا الثقافية من المسكوت عنه، لكن حين جاء دور الكوتا في ملء الفراغ الذي خلّفه الراحل إبراهيم الخياط، تطبيقا لنص المادة 8 من النظام الداخلي التي نصت وبشكل صريح على أن يخلف نائب الأمين العام للشؤون الكردية الأمين العام حال غيابه. ولا نعلم السر الذي كان يدور في بال من وضع النظام الداخلي في ذلك الوقت ليخص به النائب للشؤون الكردية حصرا، في حين هنالك نائب عام للأمين العام، لا يشترط له انتماء معين. لسنا ضد شخص النائب للشؤون الكردية، بل ضد فكرة الكوتا التي سبقت كوتا الدستور الحالي بعقود، فتمثيل مكونات المجتمع يتم عبر الانتخابات، والأديب العراقي لا ينتخب على أساس قومية المرشح أو ديانته بل على أسس ثقافية بحتة. إن المؤسسة الثقافية المتمثلة باتحاد الأدباء لابد لها من القيام بثورة حقيقية، لتغيير النظام الداخلي على الأقل، وتبني مشروع تعديل القانون رقم 70 لسنة 1980 بغية تشريع قانون جديد يتناسب مع المرحلة الحالية والواقع الجديد، إذ من غير المعقول أن يحكم الاتحاد قانون شرع قبل 40 عاما! ولابد من التخلص من التمييز القومي والمناطقي، التي يحفل بها القانون والنظام الداخلي وجعل تلك النصوص تعتمد العطاء الأدبي والثقافي كأساس لنيل عضوية الأجهزة الإدارية للاتحاد.