تنتظر ليلك لتنثر بذار أفكارك في أوراقك المتشائمة على منضدتك التي تجاوز عمرها ثلاثة عقود بخيرها وشرها، وتتأمل أن تضع ما ينفع الناس على سطوحها، فتتدفق الفكرة مزدانة بوجع القلب المتعب، لتكتب نصك الشعري او السردي بيقظة الحارس المثابر.
وتحصد الثمار بعد عدة كؤوس من الشاي والبن وأصابع الدخان التي نخرت صدرك مذ كان عمرك غضاً وجسدك ناحلاً، وتتأمل المنتوج فتفرح لهذه الحصيلة الطيبة: مقالة انطباعية عن مجموعة شعرية أهداها لك منتجها، وفي الصباح الباكر تبذل جهداً في تنضيد المقالة وتدفع بها الى ثقافية الجريدة الفلانية بهدف نشرها، وتنتظر الى ان يحين موعد إشهارها مطبوعة تزين واجهة (الثقافية) وتمر الاسابيع فلا تقبض سوى ثلاثين ألف دينار مكافأة عن النشر، وانت الذي لا مورد لك غير راتبك التقاعدي الادنى، وترضى رغم ذلك بالمقسوم القليل.
ولكن كم (مادة) تستطيع بدفع مكافآت النشر، في حين توقفت شقيقاتها وصديقاتها عن هذا العرف، حتى مجلات وزارة الثقافة التي أصبحت نصف سنوية أوقفت هذه المكافآت لأسباب غير مقنعة، ومثل هذه المجلات تفعل مجلة اتحاد الادباء والكتاب فلا تمنح كتابها أتعاب جهودهم، فإلى أين يتجه المبدع العراقي بما ينتجه؟ وهل المطلوب منه التوقف عن النشر على أقل تقدير، ومن يقرأ ما يكتب بعد
ذلك؟
ان اتحاد الادباء والكتاب في العراق باعتباره الممثل الشرعي الوحيد عن رعاية أعضائه والدفاع عن حقوقهم، مطالب قبل غيره بمغادرة منهجه في عدم إعطاء الناشرين في مجلته ما يستحقون، لاسيما ان المجلة فصلية ومالية الإتحاد ووارداته تكفي لتغطية ذلك.
وأدعو الاتحاد الى مناشدة وزارة الثقافة ونقابة الصحفيين العراقيين بإعادة النظر بقراراتهما النافذة واعادة صرف مستحقات المبدعين، وإلا فان ما يجري يتناقض تماماً مع مبدأ رعاية الثقافة والمثقفين الذين لم يروا هذه الشحّة حتى في زمن العقوبات الدولية التي فرضت في تسعينيات القرن المنصرم، وكما يعلم مَن يعلم ان مثقفينا على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم يعانون من ضنك العيش ورداءة الأحوال، فانصفوهم بدفع مستحقاتهم التي لا تساوي شيئاً، والأمل وطيد بقيادة إتحادنا - وكما عهدناها - ان تستنفر كل وسائلها وأدواتها لإنصاف شغيلة الفكر وبناة الحياة، وإلا فعلى على ثقافتنا السلام... والسلام على من يعيد للوجوه نسغ النضارة والحيوية، والشكوى
لغيره مذلة.