اردوغان يلتقي بوتين اليوم لبحث الأزمة السورية

قضايا عربية ودولية 2019/10/21
...

اسطنبول / فراس سعدون
 
يلتقي الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء في سوتشي، لبحث انتشار القوات السورية المدعومة روسياً في مدن حدودية مع تركيا، لأول مرة منذ سنوات، ومنع القوات التركية وحلفائها من دخول تلك المدن، وانتزاع السيطرة عليهما من التنظيمات المسلحة الكردية، في إطار العملية العسكرية المسمّاة "نبع السلام"، والمعلقة منذ الخميس الماضي بفعل هدنة لمدة 120 ساعة حددها اتفاق بين اردوغان ومايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، والمقرر أن تنقضي عقب لقاء اردوغان وبوتين، بانسحاب التنظيمات الكردية من حدود "منطقة آمنة" تريد أنقرة لها أن تمتد من منبج، وحتى الحدود التركية – العراقية بطول أكثر من 400 كلم، وعمق 32 كلم، وإلا فإنها ستستأنف عمليتها العسكرية.
أجندة لقاء سوتشي
وقال مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، في حديث تلفزيوني: إن أنقرة تتعاون مع موسكو بشأن المسألة السورية، مبينا أن اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي ونظيره الروسي، الثلاثاء في سوتشي، سيتمحور حول إخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني من مناطق مثل مدينتي منبج وعين العرب (كوباني).
وعبّر جاووش أوغلو عن اعتقاده بـ"إمكاننا التوصل إلى اتفاق معهم على العمل المشترك في المستقبل، مثلما كنا نفعل في الماضي".
وكان اردوغان ذكر أنه سيناقش مع بوتين انتشار القوات السورية في هاتين المدينتين، بعد اتفاق مع التنظيمات الكردية برعاية روسية، محذرا من أن أنقرة ستنفذ خططها ما لم يتم التوصل لحل.
وقال اردوغان:  إن "قوات النظام المحمية من روسيا تتواجد في جزء من منطقة عملياتنا، وسنتناول هذه المسألة مع بوتين.. علينا إيجاد حل". وأوضح أنه "في حال تم التوصل لحل مع روسيا كان بها، وإلا فإننا سنواصل تنفيذ خططنا".
ونفى الرئيس التركي، قبل ذلك، وجود مشكلة لديه بانتشار القوات السورية عند الحدود ما دامت التنظيمات الكردية ستنسحب.
 
انسحاب من منطقة العمليات
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية سحب جميع مقاتليها من مدينة رأس العين الحدودية بموجب الاتفاق.
وتعد رأس العين واحدة من مدينتين ستراتيجيتين كانتا هدفا لهجوم القوات التركية في التاسع من الشهر الحالي، بغية طرد التنظيمات الكردية منهما.
وأفادت وزارة الدفاع التركية بأنها تتابع عن قرب انسحاب عناصر الوحدات والكردستاني.
وأكدت الوزارة في بيان "عدم حدوث أي عرقلة لفعاليات الخروج والإخلاء من المنطقة"، وسط "التنسيق مع الأميركيين بهذا الشأن"، مضيفة أن "رتلا من نحو 55 عربة دخل مدينة رأس العين، ورتلا يضم 86 عربة خرج باتجاه منطقة تل تمر"، منوهة بأن رتلا من 39 عربة دخل رأس العين وأخرج عددا من المصابين.
وتبادلت قوات سوريا الديموقراطية والقوات التركية الاتهامات بخرق الهدنة عشرات المرات منذ ليل السابع عشر من الشهر الحالي.
وحذر فخر الدين ألتون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، من أن مهلة الهدنة شارفت على الانتهاء.
وكتب ألتون في تغريدة على تويتر "باختصار، تركيا علقت عملية نبع السلام، لمدة 120 ساعة، في المقابل الولايات المتحدة ملزمة بتسهيل انسحاب تنظيم "ي ب ك (الوحدات)" وجمع الأسلحة الثقيلة التي بحوزته.. فالوقت يمضي".
 
تعزيزات عسكرية جديدة
ودفعت القوات المسلحة التركية بتعزيزات جديدة من القوات الخاصة التركية (الكوماندوز) إلى الولايات الجنوبية لدعم الوحدات المتمركزة قرب الحدود مع سوريا.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية التركية بأن التعزيزات شملت رتلا يضم حافلات تنقل قوات من الكوماندوز، وقد توجه إلى ولاية كليس مرورا بولاية غازي عنتاب، وسط تدابير أمنية 
مشددة.
مسار الاتفاق ومستقبله
وحذر خبراء في العلاقات الدولية من عدم وجود ضمان لتنفيذ مسار الاتفاق التركي – الأميركي في الشمال السوري، ما لم يحدث توافق بين سائر الأطراف المعنية بعموم المسألة السورية.
وقال الدكتور يوسف صالحة، أستاذ العلاقات الدولية في اسطنبول، لـ"الصباح": إن "الاتفاق يعطي أنقرة ما تريده لناحية التمسك بموضوع المنطقة الآمنة، وإخراج المجموعات الكردية من المنطقة، وتسليم أسلحتها، وتدمير التحصينات والمواقع التي كانت موجودة فيها"، مستدركا "لكن الاتفاق سيفتح الطريق أمام تفاهمات سياسية أخرى في التعامل مع الملف السوري، ولا يمكن إطلاقا التوقف عند الحوار التركي – الأميركي خلال تقويم هذا الاتفاق ونتائجه".
ورأى صالحة أنه "لابد من الحديث بشكل واضح عن الدورين الروسي والإيراني، إذ أنه، وبعيدا عن الأضواء، كانت هناك تفاهمات تركية – روسية، وتركية – إيرانية حول المسار، والتفاصيل، والاحتمالات"، مؤكدا أن "هذا الاتفاق نعم قد يكون تمّ بين أنقرة وواشنطن، غير أن ارتداداته، بشكل أوسع، ستعود على العلاقات بأكملها".
ووجد خبير العلاقات الدولية أن "مسار تنفيذ المتفق عليه مسألة مهمة، إلا أنها تواجه الكثير من علامات الاستفهام والأسئلة".
وأورد الخبير هذه الأسئلة "هل ستكون هناك التزامات بتنفيذ الاتفاق؟ فهذه نقطة أساسية تقلق أنقرة. ثم ما بعد هذا الاتفاق؛ كيف ستتقدم الأمور على الأرض ميدانيا وسياسيا، لأن قوات النظام تقدمت إلى أكثر من منطقة، وتحديدا إلى منبج وعين العرب (كوباني)، وأنقرة كانت تقول: إن هذه المناطق ستكون جزءا من المنطقة الآمنة أيضا".
وتابع "الآن، وعلى ضوء هذا الحراك الجديد، كيف ستكون التفاهمات التركية الروسية؟ هل سيفتح هذا الاتقاق الطريق أمام حوار مباشر في المرحلة المقبلة بين دمشق وأنقرة؟ وكيف ستكون المسألة؟ لأن النظام الآن يصر على استرداد جميع الأراضي السورية، ويقول إنه لا خيار آخر أمام جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين سوى مغادرة الأراضي السورية، خصوصا للذين دخلوا الأراضي من دون موافقة دمشق".
واستطرد "هل المجموعات المسلحة التي تغادر الآن هذه المناطق ستظل تحت الحماية الأميركية في العمق السوري، أم لا؟ لأن بقاءها تحت الحماية الأميركية يعني بقاء الأسلحة بيدها، وبقاء المشروع الانفصالي في سوريا"، مختتما بأن "متابعة علامات الاستفهام هذه جديرة بالاهتمام في الساعات والأيام المقبلة".
 
 دعوة روسية
بدوره أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن الأحداث في سوريا بعد شن العملية العسكرية التركية تتطور في المجرى غير المرغوب فيه، مشيرا إلى ضرورية رفع مستوى الأمن في هذا البلد.
وقال شويغو في خطاب ألقاه أمام المشاركين في منتدى بكين شيانغشان، امس الاثنين: "نأمل بشكل كبير في أن تسمح الخطوات التي نتخذها حاليا، وهي تعاوننا مع زملائنا الأتراك والأميركيين، بمنع تخفيض مستوى الأمن والاستقرار في هذه المنطقة، ورفعه. أما الأحداث التي تقع في الأيام الأخيرة فإنها لسوء الحظ تقودنا إلى أفكار غير متفائلة.
وأشار إلى أن "حراسة جزء من المعسكرات والأماكن التي كان يحتجز فيها الإرهابيون من قبل عدة بلدان توقفت، الأمر الذي أدى إلى أن الإرهابيين بدؤوا الانتشار".
وأضاف: "ولا يعرف أحد إلى أين سيأتون. ولكن اليوم في المرحلة التكتيكية القصيرة للتعاون بيننا نرى أن هذه المهمة تتطلب حلا سريعا. وليس فقط على مستوى "روسيا-تركيا-الولايات المتحدة".
هذا وأكد شويغو أن روسيا منفتحة للحوار مع الولايات المتحدة لضمان الاستقرار الاستراتيجي))
وردا على أسئلة المشاركين في المنتدى قال: "مستوى العلاقات الموجودة اليوم، بالنسبة لأكبر القوى النووية، منخفض للغاية. وهنا بالطبع يجب علينا العمل على تحقيق توقعاتنا المتفائلة".
وشدد على أن روسيا منفتحة "للعمل، والحوار، وللمضي خطوات لضمان أعلى مستويات الأمن الدولي". 
 
قوات اميركية
بدوره كشف وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، عن أن بلاده تعتزم الإبقاء على عدد من جنودها قرب آبار النفط شمال شرقي سوريا.
وقال إسبر في مؤتمر صحافي مع نظيره الأفغاني في كابول:   "هناك قوات أميركية في بعض القرى تحمي الحقول النفطية وهي ليست في حالة انسحاب، حالة الانسحاب في مناطق حدودية فقط مثل كوباني".
وأضاف إسبر: "عملية الانسحاب سوف تستغرق أسابيع وليس أياماً، وبعض من قواتنا سوف تبقى في القرى المحاذية لحقول النفط في شمال شرق سوريا بهدف منع إمكانية وصول عصابات "داعش"الارهابية وغيرهم للاستفادة من هذه الموارد"، متابعا: "قواتنا ستبقى قريبة من مراكز القتال في سوريا وحتى الآن لم نتخذ قرارا بالانسحاب النهائي من هناك".
وتابع إسبر: "لم نتخذ قرارا بشأن ذلك، سوف نطلع الرئيس، وعندما نتخذ القرار سوف نطلعكم عليه".  
وكان رتل عسكري كبير تابع للقوات الأميركية قد انسحب،   من القواعد الأميركية المتواجدة في محافظتي الرقة وحلب مروراً بمحافظة الحسكة ومنها إلى معبر التونسية (سيمالكا) النهري .