مرت الرواية العراقية بظروف وان بدت قاهرة اثرت فيها سلباً خصوصاً في فترة الحقبة السوداء للنظام السابق وان هناك ايضاً مزايا الهمت السارد العراقي رغم خوفه وترقبه واقتناصه للمفردات والافكار والسفر عبر أقاليم ليل موحش قاده الى المخاطرة وهو يكتب ما يراه في هم وخطر جسيم واليم وحزن وحروب وحصارات ، لكن ملامح الرواية الاخرى انبثقت بشكل واضح وجلي أواخر تلك الحقبة البغيضة على يد بعض الروائيين العراقيين ، لكنها تكرست بشكل غير مسبوق بعد سقوط النظام مع ظهور اسماء جديدة وصدور الكثير من الروايات التي تجاوزت ارقاماً مهولة ، لكن بطبيعة الحال الامر ليس مع الكم انما الذي يهمنا هو النوع ، وهل ان هذا النوع استطاع ان يحدد الملامح الجديدة للرواية العراقية المعاصرة ؟ هل اضافت هذه الروايات في الشكل المضمون ما نعّده اضافة نوعية جديدة ؟ باعتقادي التجديد حدث في الثيمات لا في الاشكال ، ربما على صعيد الاشكال لم يتجاوز الامر بضع روايات اما على صعيد الثيمة فقد حدث الامر بطريقة واضحة وملموسة ، لقد خرجت المضامين الجديدة بالرواية العراقية الى مناطق لم تطأها قدم سارد بعد وهذا يحسب لها تماماً ، مثل قضية الاقليات العراقية من الديانات والقوميات : المسيحيون واليهود والايزيديون والكرد الفيليون وباقي القوميات المقموعة ، فضلاً عن قضايا طائفية اخرى كحياة سكان الجنوب العراقي ومعتقداتهم وحياة البؤس والفقر والفاقة التي يعيشونها في زمن النظام السابق ، وفقراء هذا الزمن ايضاً ، حتى امست قضية الاقليات في الرواية العراقية موضة متعارف عليها ، ثمة ايضاً قضية الارهاب الذي فتك بالشعب العراقي هذا ايضاً اخذ جانباً مهماً من الجوانب السردية العراقية خصوصاً في الرواية ، ولا ننسى التاريخ الاسود للـ 35 سنة المريرة السوداء التي عاشها الشعب العراقي في ظل الدكتاتورية الرعناء التي أحرقت خيرات البلد ونحرت شباب العراق في حروب مجنونة على مذبح جنون الدكتاتور ، هذه ايضاً اخذت الكثير من ثيمات واهتمامات الرواية العراقية ، ان مستقبل الرواية العراقية سيكون ذا شأن كبير جداً والدليل ان هذه الرواية صارت تحصد
الجوائز العربية
والعالمية وتطبع وتترجم الى مختلف لغات العالم ، انا متفائل كثيراً حين استحضر
مسيرة السردية العراقية وارى في الافق مستقبلاً مشرقاً لهذه الرواية التي خرجت من قمقمها كما يخرج المارد الجبار محطماً كل الحدود والسدود ومتجهاً الى آفاق العالم ومنابره واضوائه.