وسام الخلود

ثقافة 2019/10/29
...

حسين الصدر 
 
 
 
- 1 -
الثورات في تاريخ البشرية كثيرة ولكن ثورة واحدة من بين كل تلك الثورات احتلت الذروة ، وراحت على مدى الايام تذكو جذوتها ويستعر اوراها ويترنم بها الاحرار في كل 
مكان .
تلك هي ثورة الامام الحسين “ع” بوجه الظلم والطغيان واضطهاد الانسان وانتهاك الحرمات المقدّسة .
 
- 2 -
أما سرّ الخلود فهو انّ هذه الثورة كانت تحمل من سمات الاخلاص والصدق والموضوعية ما جعلها الأولى نقاء وعظمة وأهدافاً .
لقد كانت أعظم الثورات التي وشحّها وسام الخلود فهي لا تخلق بل تتجدد في كل عام .
والى هذا المعنى أشار المرحوم العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم في احدى روائعه حيث 
قال:
 
تذوي الدهور وذِكْرُ يومِكَ يكبرُ 
وحديثُ مجدِكَ للقيامة يُنشرُ 
ويعيش في ظمأ العيون وشوقها 
لِلِقاكَ حُبَاً في الولاية معشرُ
ونداؤك المعهودُ في وهج السنا 
هيهات منّا للمذلة معبرُ
أأبا البطولة والحديث مُسهدٌ 
والجرح ينزفُ والمآسي تنخرُ
 
هذا العراق يغض في مر الضنا
تقسو عليه الحادثاتُ وتسخرُ
فعلى ضريحِكَ ألفُ آهةِ مثقلٍ
بالهمّ مِنْ ضنِك الفجيعة يزفرُ 
حَسْبُ المحبةِ للحسين هوية 
ترد الخلود بها ومنه تصدرُ
نعم ، ان حب الحسين هو هويتنا 
وان الشعار الذي رفعه الحسين في كربلاء مناديا :
 
( هيهات منا الذلة )
هو المنهج الذي لا نحيد عنه 
وان جراح الطفوف هي جراحنا وجراح الانسانية جمعاء.
 
- 3 -
وإحياء ذكرى عاشوراء تحيا بها نفوسُنا وبها تصحو من السبات والغفلة وتنهض لتكون على خط المقاومة الساخنة لكل ألوان الظلم والانحراف والباطل والزيغ والاستبداد.
 
- 4 -
ولقد لوحظ ان هناك اتساعا ملحوظاً للاحتفالات الحسينية في شتى أرجاء المعمورة .
فمن الصين شرقا حتى الولايات المتحدة غرباً، مروراً بكل القارات ابتداء بالقارة الاوربية وانتهاء بالقارتين الافريقية والآسيوية تقام مجلس العزاء الحسيني ويسارع الجماهير الى حضورها لتنهل من ينابيع العطاء الحسيني ، ثم لتواسي الرسول (ص) وعترته الطاهرة بأحزانها الكبرى بفاجعة الطف الأليمة .
 
- 5 -
ثم ان ظاهرة الزيارة المليونية في ذكرى اربعينية الامام الحسين “ع” هي من أبرز الظواهر العالمية التي ليس لها نظير .
في موسم الحج لا يزيد عدد الحجاج غالباً عن مليونين حاج والعالم مبهور بهذا العدد .
أما في كربلاء فالعدد يتجاوز العشرين مليوناً من مختلف بقاع الأرض .
وأخيراً :
كانت المشاركة في الاربعين للمسيحيين والصابئة فضلاً عن غيرهم من محبي الحسين وقاصديه .
 
- 6 -
يقول كاتب السطور :
أرى التاريخ يمشي مستطيلا 
وفوق جَبِينهِ ألقُ الحسينِ
تحدّى بالشهادة غاصبيهِ 
ووّفى للمكارم كلَّ دَيْنِ
انّ ألق الحسين زان جبين التاريخ عبر مساراته الطويلة .
 
- 7 -
ويقول:
اقرؤوا في عيوننا قصة الطفِ
وخيرُ الرواةِ دَمعٌ هتونُ
واذا ما كشفتُمُ حبّة القلب 
رأيتم أين الحسين يكونُ
كتبنا الله واياكم في ديوان محبي الامام الحسين “ع” والسائرين على نهجه ورزقنا زيارته في الدنيا وشفاعته في الآخرة