«هاندكة» يعزف لحن نوبل على أنغام صربية

ثقافة 2019/11/02
...

باسم عبد الحميد حمودي
 
كلكم يعرف (روما),وأكثركم يعرف ايضا ان الشاعر الموسيقي الامبراطور( نيرون   ) كان يعزف موسيقاه ويغني شعره قريبا من النار التي أمر بإشعالها لحرق (روما) عاصمة امبراطوريته ,ارضاء لشهوة الدم لديه.
 
قريبا من فعل دموي مشابهقام الرئيس الصربي السابق ميلو شيفتش بقراءة قصائده في إذاعة الصرب وجنوده يرتكبون مذبحة مدينة(سير برينشيا ) الصربية حيث اجهزوا على حياة أكثر من ثمانية آلاف ضحية من مسلمي المدينة أطفالا ونساء وشيوخا,إرضاء لنزعة ميلو شيفتشالدموية‘عام
1994
لم يرتكب السيد ميلوفتش هذه الجريمة  فقط بل سبقها بجرائم اخرى بحق سكان البوسنة والهرسك من مسلمين ومن شايعهم ووقف معهم من سكان يوغوسلافيا القديمة,وهو أمر أطاح به فيما بعد وسلمته دولته الى محكمة جرائم الحرب الدولية عام 2001 ليحاكم عن جرائمه في سيراييفو  والصرب عموما والجبل الاسود.
الذي أثارني يومها ذلك الفعل الاجرامي من رئيس صربيا وهو يعزف الحان شعره ويغني خلال المجزرة مما دفعني لكتابة مقالة قصيرة عن هذه الواقعة الدموية الشعرية معا في جريدة (الجمهورية ) آنذاك قام بنشرها الشاعر عبد الزهرة زكي رئيس  القسم الثقافي في الجريدة وهوغاضب–مثلي من دموية شاعرجزار.
لم يكن عبد الزهرة زكي –ولا انا – يعلم ان حكومة بغداد كانت لها علاقة برئيس صربيا آنذاك,وأن احتجاجا دبلوماسيا قد وجه الى الحكومة التي قامت بمحاسبة رئيس تحرير الجريدة والشاعر زكي الذي اعلن –بكل شجاعة –عن مسؤوليته عن النشر ,وأن الكاتب-مثله –لايدري بوجود علاقة  طيبةلدولتنا بدولته ،وان الأمر لا يعدو سوى استنكار لعمل دموي!
سكتت حكومة بغدادعن عبد الزهرة زكي لفترة حتى قبض عليه بتهمة اخرى تتعلق بإتصاله بالمعارضة العراقية(الوفاق الوطني خاصة) وتحمل زكي جورا وعذابا قبل أن يطلق سراحه ويجلس في بيته زمنا.
لم يشر زكي بشيء الى مقالتي حتى عام 2004 عندما نشر وقائع استدعائه ومحاسبته عليها,وقد كانت مقالته التي نشرت في ثقافية (الصباح ) يوم 22تشرين الاول الحالي تحت عنوان(نوبل وما هو أشد وطأة من التحرش) جلاء لموقف من  الشاعر الدموي ميلوشيفتش الذي مات في السجن دون ان تكتمل محاكمته في 11مارس 2011.
كتب زكي هذا المقال محللا فوزالاديب النمساوي المتطرف هاندكة بجائزة نوبل لعام 2019 لعلاقته الوثيقة برئيس صربيا المتوفى في السجن.
زار هاندكة صديقه ميلوشيفتش في سجنه ودافع عنه بكتاب نشره عام1994 تحت عنوان (العام الذي قضيته في خليج اللا أحد),ثم قام بالوقوف على جنازته ناعيا ومن دون أن يرف له جفن وهو يشاهد قبور مئات الألو ف الذي قتلهم صاحبه الشاعر الدموي.
في عام2006  منح الكاتب جائزة الشاعر هاينه,لكن مجلس مدينة دسلدروف رفض تسليمها له لموقفه الدموي ,وفي عام2011 منح جائزة (كانديد) ورفض مجلس المدينة تسليمه  الجائزة ..لذات السبب.
الآن تمنحه (نوبل ) جائزتها الكبرى في (الأدب) ,والادب صنو البراءة والإنسانية التي فقدها هاندكة وهو يدافع عن صديقه نيرون الصربي.