السيد حيدر الحلي أبرز الشعراء الحسينيين

ثقافة 2019/11/05
...

حسين الصدر 
 
 
- 1 -
لا نذيع سراً اذا قلنا :
ان السيد حيدر الحلي ت 1304 هـ هو أبرز الشعراء الحسينيين على الاطلاق ، فقد كانت له حولياتُه الرائعة الشهيرة التي يخرجها في المحرّم من كل عام لتأخذ طريقها الى مجالس العزاء الحسيني وتُنشد في المحافل فتحرك أوتار القلوب حتى تكاد تسيل من العيون ...
- 2 -
وهو الى ذلك رجلٌ صادق في تدينه وورعه ، وصادق في ولائه العميق للنبي (ص) وآله، مع فضل ملحوظ وإحاطة دقيقة بقضايا اللغة والأدب والتاريخ، الامر الذي جعله في طليعة الأدباء المرموقين ذوي الشأن العالي على كل الصعد والمستويات .
- 3 -
قيل :
انه حينما قَصَدَ سامراء ليتشرف بزيارة الامامين العسكريين (عليهما السلام) ويلتقي بالمرجع الديني الاعلى الامام السيد محمد حسن الشيرازي – صاحب فتوى التنباك - أهوى السيد الشيرازي على يده يقبّلها، في اشارةٍ واضحة الى حجم التقدير والاجلال الذي أبداه المرجع الأعلى للشاعر الحسيني العملاق الذي وظّف مواهبه الشعرية الفائقة لرثاء الحسين (ع) فجاء بالبدائع والروائع .
- 4 - 
لا بد من الاشارة الى ان شاعرية السيد حيدر الحلي الباهرة لم تكن محصورة في نطاق جغرافي محدد بل شاعت في الارجاء حتى قيل :
ان احمد شوقي استنشد طالبا عراقيا شعرا فراتيّاً فقرأ له الطالب شعرا كثيرا ولم يقرأ شيئا للسيد حيدر الحلي فقال له شوقي :
اقرأ لي لصاحب البيت :
عَثَر الدهرُ ويرجو  ان يقالا 
تربت كَفُّكَ مِنْ راجٍ محالا 
وعندها أدرك الطالب أنْ شوقي انما كان يرغب في أنْ يستمع لشعر السيد حيدر الحلي بالذات دون سواه .
- 5 -
وحين ألقى السيد حيدر الحلي قصيدته العينية العصماء في رثاء السيد ميرزا جعفر القزويني والتي كان مطلعها :
قد خططنا للمعالي مضجعا 
ودفنا الدين والدنيا معا 
استحسنها شعراء الحلة، بينما بقي موقف شعراء النجف فاترا، الامر الذي اضطر معه السيد حيدر الى معاتبة الشيخ محسن الخضري على هذا البرود فأجابه على البديهية قائلاً :
ميّزْتَنِي بالعتب دونَ معاشرٍ 
سمعوا وما حيٌّ سواي بسامِعِ
أَخْرَسْتَني وتقولُ مالك صامتاً 
وأَمَتَنِي وتقولُ مالكَ لا تعي 
“ ثم استعاد القصيدة من اولها وعند ذلك انضم النجفيون لمحسن الخضري ونالت مرثيته ما تستحق “
السيد حيدر الحلي وأدبه /ص122 
للدكتورة أحلام فاضل عبود 
- 6 -
وسمعت والدي المرحوم العلامة السيد محمد هادي الصدر يقول :
ان السيد حيدر الحلي رأى في ما يرى النائم الزهراء البتول فاطمة (عليها السلام) وهي تخاطبُهُ وتقول :
أناعيَ قتلى الطفِّ لازلت ناعيا 
تُهيجُ على مرّ الليالي البواكيا 
فجاء يسأل سيدنا الجد الامام السيد حسن الصدر – قدس سره – قائلا :
ما معنى قول الزهراء لي : لا زلت ناعيا 
هل الموت سيتخطاني وأفلتُ من مخالبه ؟
فأجابه السيد الصدر قائلا :
لا   انك تموت ولكن شعرك لن يموت، وهكذا كان فهو من الشعراء الذين يترنم الخطباء الحسينيون بأشعاره ويكررون تلاوة قصائده في مجالسهم عاماً بعد عام .
- 7 -
ويبدو ان العلاقة التي كانت تربط المرحوم السيد حيدر بسيدنا الجد الامام الحسن الصدر كانت في غاية المتانة ، ولا أدل على ذلك من ان ديوانه الذي أريد طبعه للمرة الاولى في الهند أُخِذَ من مكتبة الامام السيد حسن الصدر.
وكان معظم الخطباء الحسينيين لا يقرأون في مجالسهم بمحضر السيد الصدر شعراً لغير السيد حيدر الحلي ، لوقوفهم على شدة حب السيد الصدر له ، وتقديمه للسيد الحلي على غيره من الشعراء الحسينيين 
- 8 -
والمتتبع لسيرة الشاعر الحسيني العملاق السيد الحلي لا يعدم أنْ يلحظ العناية الفائقة به من قبل كبار العلماء، ابتداءً بالمرجع الاعلى في عصره الامام السيد محمد حسن الشيرازي وانتهاء بالامام السيد مهدي القزويني (ت 300 هـ) وأنجاله 
فقد كانوا يصلونه ولا يغفلون عن مواصلة إكرامه .
- 9 -
ونكتفي بذكر هذه الأبيات الواردة في ديوانه ، يُثّمن فيها موقف الامام السيد مهدي القزويني – طاب ثراه- ويشكره حيث صان ماء وجهه، يقول السيد حيدر الحلي :
براك الاله لنا رحمةً 
يُعان بها العائل المُقْتِرُ
لقد صُنْتَ وجهيَ عَنْ أنْ يرى 
لدى أحدٍ ماؤُه يقطرُ 
وعوّدَتِني كرماً أن تجود 
عليّ ابتداءً بما  يَغْمُرُ 
الديوان 1 /236-237 
ان احسن العطاء ما جاء ابتداءً ومن دون سؤال ، وبهذا يكون التكريم في أعلى صِيَغِهِ بعيداً عن الشوائب والمفارقات .