الموصل التي طـــال انتظــارهــا

ثقافة 2019/11/18
...

حسب الله يحيى
 
لا موصل لمدينة الموصل التي كانت.. وكانت الماضي الزاهر كله، والموصل لكل ما انقطع من بشر وبلدان وأنهار..
موصل الحضارة البكر، والحياة الأبهى، والتجارة الموفقة، والزاد الألذ للعراقيين.. باتت مقطوعة الجذور عن العالم 
والحياة معاً.
هذه الموصل التي أخذت منها عصابات داعش بريقها وربيعها وإرثها وأنفاس الناس فيها، ثم دفعت (فاتورة) مصابها ووجعها اضعافاً مضاعفة.. وهو الامر الذي فاقم وجودها وعمل على إعماق رماد
 فجيعتها..
هذه الأم لربيعين.. لم يستويا، والحدباء الرمز الذي انكسر وبات حجارة، والصلة التي لم تعد تصل..، يريدونها الآن أن تنهض من جديد وتشارك في التظاهرات الشعبيّة الراهنة التي تعمُّ بغداد وأرجاء المدن العراقية مطالبة بالحياة الجديرة بالعيش.
ومع أنّ هذه المدينة، من أكثر المدن العراقية التي لحقت بها الاضرار والغبن والدمار، إلّا أن الأنين بات عصياً عليها، حتى وجدت نفسها تختنق بأنينها ولا أحد يسمعها او يتوقف عند معاناة أهلها..
يريدونها.. الموصل التي تنتفض وهو حق من حقوقها الطبيعية التي كفلها الدستور، إلّا أنّ الحقيقة المرة تقول إنّه ليس بوسع الموجوع ان ينتفض وجراحه مازالت المعالجة والحرمان من أبسط علاج او غذاء وعمران
 تحتاجه.
نعم.. من حق الموصل أن تعلي صوتها عالياً..
فالجراح التي فيها تجعلها الأحق والأكثر استحقاقاً لاستعادة ما فقدته.. إلّا أنّ التهمة جاهزة، ووطأة التنكيل فيها على تماس بها والأقرب الى الحاجب 
من العين. الأربعة إرهاب والداعشي والمذهبي.. التهم الثلاث جاهزة للتنكيل بالموصل مرة أخرى.. 
ومع أنّ الجميع يعرفون ويدركون جيداً أنّها من أكثر المدن التي تعرّضت لبطش الارهاب وداعش والموت على الهوية..، إلّا أنّ البعض ممن لا يمتلكون البصر والبصيرة يتساءلون عن صمت أهل الموصل إزاء ما يجري.. في وقت يعرف الموصليون وكل صاحب عقل نير أنّ نهضة الموصل في هذه الظروف سوف تلحق الضرر ليس بالموصليين حسب وإنّما بمجمل الخطاب الذي تحمله التظاهرات الشعبيّة اليوم.. وهو أمر لا يريده كلّ من يعرف تفاصيل ما جرى
 ويجري..
إنّ الموصل موصولة بكلّ مدن العراق، إلّا أنّ صورتها القاتمة والموجعة الآن لا تتيح لها ان تكون في المقدمة بوصفها المدينة المزمنة في اوجاعها والمنكسرة في
وجودها الراهن..