سلام مكي
فلم الخوف؟
أنا الذي طرقت العقبان
ذات حلم
رأسه العاري
وبقيت الأرض تنتظر
كي ترجعه على رحمها الرملي
أنا الذي ما كان له او يولد
في الأزقة المكتظة
بالصراخ والعويل
الأزقة التي لا تسترها
سوى لافتات الحداد
والدماء المتيبّسة
ورجل يجثو على ركبتيه
ليبكي
لكن عينيه
يابستان
السيف الأحمر
هوى على رأسه
كمقصلة
تدحرج الرأس
في الزقاق الموحل
فصاح الناس:
تكبير.. تكبير.. تطبير
الزوجة تعرّي الجدران
لتمسح عينيها الباكيتين
بصورة ولدها الوحيد
دعيني أصغي الى نحيبك
دعيني أمسك شعرك الأبيض
فأنا باقٍ في غربتي
كما أنت باقية هناك
باقٍ لأذبل
وأرى أوراقي، تأكلها الريح
عودي يا أمّي
عودي قبل أن ترتجف الجدران
فهي واهية كقلبي
عودي، فأنا سألقاك
قرب النهر
حيث كنت تحممينني
وأنا أصرخ
كطير يخشى الغرق
عودي قبل أن تأكل الشمس ملامحي
فلا تعرفينني
أنا لستُ وحيدا
معي رؤوس كثيرة
ودماء تجري من تحتي
لا أحد يوقفها
حتى الله
قرر أن تدور في كلّ الأرجاء
صحيح أنّني بلا أشلاء
أو قدمين
لكنني، مازلت أحتفظ برأسي
واحتفظ بكلّ الذكريات والأسى
أتذكّرك يا أمي
وأتذكّر أبي الذي قصّوا جناحيه
قبل أن يبلغا الحلم
وطلبوا منه أن يطير
أبي الذي أكبره الآن بعشرات السنين
أطلقته في الغابة ليجمع لي أيامه المتساقطة
من شجرة العمر
لكن الشجرة، هوت على رأسه
وتجمّعت حوله الغربان والأفاعي
كنتُ انتظر من النافذة
أن يرميني بما جناه
لكنّه حلّق
رغم أنّه بلا جناحين
فبقيتُ بلا عمر
لكنّي أملك جناحين
أهب ريشهما للذين يريدون التحليق
وذات ليلة
نتفت كلّ ريشهما
وبقيت عاريا
إلّا من لافتات الحداد