عاش الملك.. مات الطغاة!

آراء 2019/11/18
...

حسين الذكر
 
أيام عصيبة عشناها في الأردن تحضيراً لمباراة منتخبنا مع نظيره الإيراني.. بعدها أخذنا ساعات للراحة في العاصمة عمان بعد أنْ تحقق الفوز وفرحت جماهيرنا بكل البقاع المشتتين منذ عقود بآمال وآلام مستمرة.. وسعدنا جداً في ظل لقاء فسر بتجاذبات أراد البعض أنْ يصبغها بأبعاد سياسية قد تدخلنا مفاصل ودهاليز مظلمة.. فيما نحن الجماهير المنتفضة، لا سيما الفقراء المضحين لا يهمّنا إلّا تحقيق الفوز بكل المجالات وعبر ملفاتنا الحياتيَّة اليوميَّة المختلفة.. بعد أنْ أصبح عراقنا متخلّفاً عن دول العالم بل حتى دول الجوار التي كنا نتقدم عليها بملفات عدة، جراء ما منحنا الله من مياه وتربة وموارد بشريَّة ومصادر لا تحصر بالنفط لو احسنت الحكومات المتعاقبة استثماره وتوظيفه لخدمة بلدانها وشعوبها، بعيدا عن الشعارات الزائفة التي هتفنا بها صغارا بالمدارس (نفط العرب للعرب موتوا يرجعيه) .. وما زلنا نرددها بطريقة حداثوية أخرى ونعيش ذات السبات الذي ينهب فيه نفطنا شرقا وغربا .. فيما شعوبنا تعيش ويلاً نفتقد به كل شيء الا رحمة الله التي لا تنقطع أبدا ..
في كلّ مرة أزور الأردن أراها تتقدم خطوات على الطريق الصحيح لخدمة شعبها وموقعها.. صحيح ان للمواطن الأردني امنيات وطموحات ... لم تتحقق بعد كبقية الشعوب العربية عامة.. الا ان الواقع العمراني وسيادة القانون والمشاهد الحضارية والحضور الميداني يدل على حسن تدبير لسياسة حكيمة تعيش طموحات وامال جماهيرية وفقا لامكانات 
محدودة.. لكنها ميسرة بتدبير وحسن سياسة.. وهنا لا اقصد المديح السياسي مدفوع الاجر او الموظف لخدمة ما، بقدر ما اعد قلمي شاهدا إعلاميا يبحث عن خير بلده ويحاول نقل تجارب الاخرين وان ينقد واقعه – في الأقل – لشواهد حضارية بكل معنى الكلمة وقريبة 
منا.. 
أيام الحصار الظالم الذي عاش العراقيون ويلاته لعقود ما زالت امراضه وتداعياته راسخة في الفكر والجسد لم نشف منها... وما لحق بها بعد 2003 من سوء تدبير وفساد اداري أدى الى التراجع جراء المحاصصة والحزبية والشخصنة الارتجالية ... كنا انذك نسمع ونقرأ في الصحف ان الملك الراحل الحسين كان يزور الدول ويعقد البروتكولات ويفاوض هنا وهناك من اجل الحصول على ما يدعم به برامجه الحكومية التي تصب بخدمة شعبه بالشكل الذي جعل من الاردن واحة تحيطها الرمال من كل الجهات .. فيما كانت المليارات العراقية قبل 2003 تصرف على استيراد السلاح واشعال الحروب .. اما بعد ذلك التاريخ فحدث ولا حرج من مليارات تتخم بها الجيوب وتنتفخ البطون الشخصية والحزبية على حساب شعب يفقر وحضارة تتهالك ووطن يخرب ..
 على كل منصف غيور مجرد ان يجري مقارنة بسيطة بين واقع الأردن على سبيل المثال لا الحصر وما عليه عراقنا المتراجع أشواطا كبيرة عما كان عليه في السبعينيات وما قبلها.. وها هو الأردن يتقدم – بمعزل عن الآراء السياسية – لكن ما يهمّنا نحن الشعوب ليس الشعارات المضللة.. 
اذ نبحث عن تطبيقات تقودنا الى الامن والاستقرار وسيادة القانون والخدمات العامة المتقدمة بصورة حضارية لا مغشوشة ظاهرها شعار وباطنها عار.. وهنا تكمن علة خروج المتظاهرين المطالبين بحقوقهم بعد اكبر خدعة وقعنا واصبحنا فيها رهنا للاجندات والحروب فيما ينهب وطننا وتموت شعوبنا وتتبدد خيراتنا وتقف اجيالنا على حافة الخطر.. وهنا يكمن شعار عاش الملك .. فليرحل الطغاة.