الرواية هي أكبر اختبار للكاتب

ثقافة 2019/11/23
...

ضحى عبد الرؤوف المل
 
يقوم الروائي “أليخاندرو سامبرا” بمقاربات بين نبتة، وبين المجتمع التشيلي في روايته “زهرة حب” الصادرة عن “دار الساقي” لنتواصل من خلال قراءة الرواية مع الأدب عامة، واهمية الشعر في بناء العلاقات الاخرى الانسانية والادبية، والمتخيلة معتمداً في ذلك على الكثير من الاسماء أمثال جونثالو ميلان، وجاك كرواك، روبين داريو، مارسيل شووب، جورج بيريك وغيرهم. وضمن الاطر التزامنية بين امرأتين صديقتين تحتفظ كلّ منهما بمسافة معينة في علاقتها مع الرجل، وفق اختلاف المجتمعات التي يشير اليها من خلال انتماء شخوصه والحميمية الاسرية التي ركّز عليها مع زوج صديقة حبيبته. اذ كل الصعوبات في الحياة تبدأ من عدم فهم الجنس والحاجة اليه مغمسا بالحب بعيداً عن التقاليد الراسخة في الأسرة، ومن ثمّ التقاليد المجتمعية التي اختزلها بنسف الحدود بين الواقع والمتخيل، والمتجسّدة بالقراءات الادبية التي تؤدي بالعشّاق الى الخيال الذي استثمره خوليو واميليا في الرواية. فهل يمكن اعتبار رواية “زهرة حب” هي قصة لسيناريو يعتمد على تلخيص الاحداث ليستثمر فيما بعد دراميا لعمل مرئي؟ 
لا يمكن صنع تجربة الحب ما لم يمر في عدة متغيرات تصيب كلّاً من العاشقين، فالزمن لا يتوقف عند احدهما ويكمل سيره مع الاخر “كان عمر كل منهما خمسة عشر عاما عندما شرعا يتواعدان ويخرجان معا، لكن اميليا اتمت عامها السادس عشر، ثم السابع عشر، فالتاسع عشر، فالرابع والعشرين، على حين ظل عند الخامس عشر. “لحظة بدء العلاقة التي بقيت في حيوية اللقاء بين المراهقين وخط مسارهما الذي يلتقي مع الادب بين جيل الماضي والحاضر متعمّداً اظهار حياة النبتة القصير الشبيه بروايته القصيرة هذه وببطلتها وفق تحديات الخروج من الشعر الى الرواية والتوافق الشفاف بين المغزى والمعنى والمنظور الانساني المرتبط بحياة نبتة البونساي” وهي تقليد فني لشجرة على نحو مصغر، وتتألف من عنصرين هما: الشجرة الحية والوعاء. ويجب ان يتسم العنصران بالتناغم.فهل اعتمد اليخاندرو سامبرا على الشكل الفني الروائي المختصر في روايته زهرة الحب؟ 
نبرة روائية مقتضبة لا تخلو من شاعرية انعكاسية لعلاقات ترتبط ببعضها البعض، وتحاكي الفن والحب والحياة “أما اللوحة الثانية، فهي اسهل من الناحية النظرية، لكنها صعبة للغاية على خوليو” وما يصعب على الشاعر والرسام يصعب اكثر على الروائي الذي يعتمد على الرمزيات في الواقع الذي اراد ان يحفظه في وعاء هو الرواية نفسها. ليبقي على السرد الحيوي صفة النبتة او البونساي. وربماهي مسألة تقنية عند “اليخاندرو سامبرا” مما يعطي القارئ انطباعا واقعيا لا يتعارض مع الخيال، وكأنّ القارئ يعرفها اكثر من الكاتب، بل ويراها بوضوح لا يراها الكاتب فيه ثابتة بل! متغيرة، وبتنوعات للهروب من المراوغة في قول الحقائق بايجاز شديد، وبدقة يبتعد من خلالها عن الاتساع الروائي مبتعداً عن الوضوح التام بتشفير يفاجئ به القارئ من خلال الحس الشاعري الذي يمتلكه اكثر من الفن الروائي والسرد الطويل، لكن بوعي لعنصرين مهمين ان في الرواية او الشعر، وهما الخلق والخيال والتكامل بين القواعد الادبية الملازمة 
لذلك. فهل الايحاءات الروائية في “زهرة الحب” يقابلها قصيدة ابتعد عنها “اليخاندرو سامبرا” مكتفيا بالايجاز السردي؟.
استطاع الروائي “اليخاندرو سامبرا” استخدام عدد قليل من الشخصيات للوصول الى اهدافه التي ضاعفها خلال حياة البطل مهيئا مناخات السرد وفق تخطيط شاعري، وكيان سردي خاص للتركيزعلى الفكرة بشكل مقتضب لا يسيء الى الرواية، وانما يمنحها قدرة على الاتساع المتخيل،  وهذا ما يجعلها قادرة للانطلاق المرئي نحو السينما،وفق انماط الحياة ومواءمة الاتساق السردي مع الاحاطة بالشخصيات، لاثارة الاهتمام النفسي المشبّع بعلاقات الحب واختلافها وعلاقات الجنس وتنوعها بين المرأة والرجل، لكن ببساطة الانسياب في الفكرة المستخرجة من قصائد الكتاب ورواياتهم، خاصة اولئك الذين كتبوا القصيدة التي تروي حكاية باختصار لا يتناغم معها القارئ الا ليستخرج منها الصور الايروتيكية،  والتي هي بالحقيقة معاني استبطنها الكاتب لخلق الرومانسية كما في رمزية نبتة البونساي وجمالها واختلافها بين الوعاء والجذع او بين النمو الحيوي المؤدي الى اظهار جمالية الوجود بكل كائناته وموجوداته. فهل زهرة الحب هي فلسفة تعيدنا الى المؤلفين انفسهم الذين ذكرهم “اليخاندرو سامبرا” في روايته؟.