الثقافة الشبابيَّة

ثقافة 2019/11/26
...

عالية طالب

يعد العراق من البلدان الشابة في نسبة عدد السكان الذين تقل اعمارهم عن 15 سنة، والتي بلغت 45 % من عدد السكان البالغ 38 مليونا بواقع 15 مليونا و428 الف نسمة.
والشباب هم اكثر الفئات استهدافا وتقبلا لكثير من محاولات الاختراق الثقافي والفكري والسياسي والاجتماعي، وغالبا ما تطفو مجتمعيا مصطلحات وسلوكيات ومنهجيات شبابية قد نتعامل معها دون اهتمام وقد نستهجن بعضها وربما نهاجم اغلبها ولا نصغي للرسالة الرمزية في ثناياها، ونعتقد ان الاجيال التي تسبقهم عمريا لها حق "الوصاية" ضد اي متغيرات لا تتفق مع الرغبات والمتبنيات حتى وان اثبتت الوقائع عدم صلاحية بعضها او اغلبها.
الثقافة المجتمعية هي سلاح للشباب ضد تجهيل العقل وتحصين ضد السلوك المنحرف، فإن تعرضت للنكوص أو التغييب فإنّ عليها ان تقبل باية مظاهر تستجد وتملأ فسحة الفراغ الموجود، وقد يتمدد هذا الامتلاء حتى يصبح ظاهرة علينا جميعا الانصات لها 
جيدا.
الشباب يجيدون استخدام الأسلوب العام والشخصي في تأكيد حضورهم وهو ما افرزته الايام الماضية التي استطاعوا فيها تغيير حياتهم من خلال الإبداع والأفكار الفنية والحركات الذكية، وتطوير قيم خاصة بهم واتخاذ قرارتهم بشكل مستقل.. وهو ما أجبر الاجيال السابقة للاشتراك معهم في مزج الاصوات دون الاعلان الصريح عن فشلهم او تلكئهم في زمن ما عن احداث بصمتهم الخاصة في واقع الازمات لأسباب اخرى مختلفة تماما عن الواقع المجتمعي الحالي الذي يعيشه العراق بعد ان تعرض النظام السياسي للتغيير متحولا الى مساحة جيدة من الحرية واستخدام حق التعبير الذي يكفله الدستور وتوافر وسائل الاتصال الالكترونية وحرية الاعلام القادر على التدخل السريع حاله حال القوات الامنية وصلاحياتها الوظيفية، وبما يمكنهم من ايصال صوتهم للفضاء الخارجي واحداث متغير في الرأي العام بغض النظر عن فكرة التضامن أو الرفض كون النتائج  تحقق اهدافها وليس هناك من شيطان في التفاصيل.. 
وهو ما كان مستحيلا سابقا ومعوقا اساسيا في رفض الاستلاب والعنجهية والتسلط ومع  كل هذا انبثقت الانتفاضة الشعبانية بكل قوتها وتأثيراتها التي استمرت بالنمو رغم قمعها 
بوحشية.ما يهم الدخول في تفاصيله الان هو ان الثقافة المجتمعية عليها ان لا تفقد عناصرها المعرفية والسلوكية والقيمية، اذ تخلخل اي عنصر لا يحقق التوأمة مع عناصر فرعية تتمثل بالوعي اللغوي والادبي والاجتماعي والقانوني والبيئي والتشريعي والسياسي وغيرها كثير، وكلها تسهم في صقل  كيفية التعبير عن الآراء دون تشنج ورفض واقصاء بل  بوعي وعقل حضاري ومنهج قويم وقدرة على الحوار وتبادل الآراء وتفويت اية ثغرة ممكن ان تضر المجتمع ومستقبله وحاضره، وهو الهدف المشترك لكل الاجيال شيبا وشبابا ما دام العراق قويا بشبابية سكانه وقدرتهم على تمكينه من تبوّئ مكانته السامية والمؤثرة 
دائما.الواقع الثقافي والفكري الشبابي يبشّر بالكثير من الايجاب وعلى المجتمع ان يعرف كيفية الاستفادة من معطيات التجربة الحالية لتمتين مسؤولية "العراق القوي" دون ان نروّج للمعاول التي ان وجدت موطئ قدم فستترك بصمتها المشوّهة في وجه نقي النبل اسمه "العراق".