حظ وبخت بلاسخارت

آراء 2019/11/29
...

محمد شريف أبو ميسم
 
أهمّ ما قدمته ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت خلال استضافتها في اجتماع مجلس النواب، في الثالث عشر من تشرين الحالي، هو عرض لمقترحات تضمّنت سنّ عدد من القوانين المهمة التي كانت معطّلة على مدار سنوات، ومن بينها قانون المحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز.
ويعد قانون المحكمة الاتحادية غاية في الأهمية لتنظيم عمل هذه المحكمة، ودورها في صيانة الدستور والحفاظ على النظام الديمقراطي في البلاد والحد من الفوضى السياسية والتوافقات غير الدستورية، وسد النقص التشريعي عند إغفال القوانين لمادة تتعلق بالتشريع أو سكوت النص عنها، ما يعني أنّ غياب هذا القانون كان مدعاة لأسلوب التوافقات التي أفضت الى شيوع أساليب الاستقواء والابتزاز السياسي بين القوى النافذة، ومن ثمّ تكريس سياسة لي الاذرع والتهديد بانهيار العملية السياسية وترسيخ المحاصصة التي أفضت الى هذا الكم من الفساد وسوء الادارة والاستئثار بمواقع المسؤولية.
وفي كل مرة يقدم فيها هذا القانون للقراءة، كان ثمّة اعتراض أو خلل في النصاب يكون سببا لتأجيل التصويت، الأمر الذي أسهم في دخول البلاد بمرحلة الصدمة الناجمة عن الفوضى السياسية التي جرت على البلاد كثيرا من التداعيات. فيما أسهم غياب قانون النفط والغاز في هدر الكثير من الموارد النفطية لصالح بعض القوى جراء تحكمها في عمليات الاستخراج والتصدير وابرام عقود المشاركة مع الشركات الاجنبية من دون موافقة الحكومة الاتحادية، الأمر الذي أسهم في ادامة حالة الفوضى أيضا، علاوة على ان تشريع هذا القانون كان يمكن أن يقطع الطريق على قانون شركة النفط الوطنية بشكله الحالي الذي أثار الكثير من الاعتراضات من قبل الخبراء النفطيين بعد تشريعه على عجالة في نهاية الدورة البرلمانية السابقة، الأمر الذي جعل هذا الأخير غير منسجم مع ما تضمّنته مسودة قانون النفط والغاز التي توصي بتأسيس مجلس اتحادي للنفط والغاز المادة 5/ ت يكون برئاسة رئيس الوزراء، وتجعل السلطات المختصّة برسم السياسية النفطية وإدارتها وتنظيمها ومتابعتها مناطة بجهات عديدة من بينها مجلس الوزراء ومجلس النواب والمجلس الاتحادي للنفط والغاز والهيأة الإقليمية، وتعزز الاستثمارات في قطاع النفط تحت المظلة السيادية. وفي المادة 39 من المسودة تأكيد على مراجعة جميع العقود المبرمة والاتفاقيات النفطية من قبل الأقاليم والمحافظات، وهذا ما لم ترغب به حكومة الاقليم. فيما ينص قانون شركة النفط الوطنية المادة -2-أولا على تأسيس هذه الشركة التي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وترتبط بمجلس الوزراء، وتنتقل اليها جميع الحقوق والالتزامات المتعلقة بجولات التراخيص. وبحسب المادة- 3- تكون الشركة هي المسؤولة عن ادارة الثروة النفطية في البلاد من الألف الى الياء وفي المادة 8 ثانيا: ترتبط بها جميع الشركات التابعة لوزارة النفط بما فيها شركة تسويق النفط (سومو) التي أثير حول ارتباطها بشركة النفط الوطنية الكثير من الجدل خشية تحويل عوائد النفط إلى عوائد عامة، مالم تكن تحت مظلّة سيادية تضمن حمايتها من القانون الدولي تحت أي ظرف كان. إنّ تشريع قانون المحكمة الاتحادية بمسودته المحفوظة في إدراج مجلس النواب دون الالتفاف عليها سيكرّس العمل بمبدأ الفصل بين السلطات ويحافظ على النظام الديمقراطي من العبث التشريعي أو الاحتواء التنفيذي وسيكون مراقبا صارما في تنفيذ مفردات الدستور، ويبشّر بنهاية الفوضى السياسية وانتظام ايقاع مجريات الحياة، وسيكون دافعا للمطالبة بحقوق الشعب التي كفلها الدستور، فيما سيكون تشريع قانون النفط والغاز بنسخته المرافقة لنسخة قانون المحكمة الاتحادية في ادراج مجلس النواب ضامنا لما ورد في الدستور بشأن أحقية الشعب في ثروته النفطية وضمان عدم التمهيد لخصخصتها، الا ان التشريع على عجالة كما أوصت بلاسخارت بالتزامن مع تعديل الدستور، ينذر بولادة على مقاسات من صنع الصدمة في البلاد ولن ينفع حينها تعليق الأخطاء على حظ وبخت بلاسخارت.