هناك مجموعة كتب معينة يجب ان تُدرج دائما على قائمة "الكتب التي يجب ان تُقرأ"، وعادة تكون على نوعين: القديمة والمعقدة. والكتاب الجديد الاكثر مبيعا غالبا ما يكون سهل القراءة، لانه ببساطة جزء من روح العصر الحالي – فلا تحتاج الى بذل جهد كبير للحصول على المراجع او فهم العلاقات الاكثر والاقل حدسية. وكذلك من السهل جدا الحصول على معظم الكتب الموجودة فوق رفوف المكتبات الآن، لوجود جوانب مألوفة في الانماط والافكار، وهو من الاشياء الدقيقة التي تحدد مدى نقاء وحداثة
الشيء.
قائمة الكتب التي (يجب قراءتها) ليست اعمالا ادبية غامضة ومعقدة فقط، بل تميل ايضا تجاه الكتب الاقدم التي نجت من اختبار الزمن لسبب واضح، كونها افضل من 99 بالمئة من الكتب المنشورة. لكن بعضها ليس معقدا وصعبا فقط، بل طويل جدا. وبصراحة عندما تصف الكتب بالمعقدة والصعبة والطويلة، فمن المرجح انك تشير الى الادب
الروسي.
نحن نعيش في عالم غالبا ما يستخدم "الحرب والسلام" كمختصر شامل لرواية طويلة جدا، وفي النهاية لن تحتاج قراءتها فعلا للحصول على مرجع، ومع هذا، عليك قراءتها. يُعد الادب الروسي احد الفروع الغنية والممتعة للادب ولفترة طويلة جدا، إذ قدّم للعالم على مدى قرنين روايات رائعة ومدهشة – ومستمر بذلك حتى الان. وتحتوي قائمة "يجب ان تُقرأ" على الكثير من كلاسيكيات القرن التاسع عشر، فضلا عن بعض النماذج من القرنين العشرين والواحد
والعشرين.
دراسات كلاسيكية عن
المجتمع الروسي
على سبيل المثال، اعمال الكاتب فيودور دوستويفسكي، التي دائما ما تكون محط جدل حول اي من رواياته الرائعة يمكن ان تتسع لاطوال غير معقولة، ومنها رواية (الأخوة كارامازوف)، المعقدة التي تحتوي على الكثير من الخيوط والعلاقات الدقيقة في قصة متسلسلة من القتل والشهوة.
ورغم انها ممتعة جدا، الا انها لا تُذكر كثيرا عند مناقشة طريقة دوستويفسكي في الجمع بين المواضيع الفلسفية، وبعض الشخصيات المرسومة بمهارة
مطلقة.
اما روايته الاخرى (الجريمة والعقاب)، تعد دراسة كلاسيكية متعمقة رائعة اخرى للمجتمع الروسي، ولا تزال فكرة عبقرية ملائمة وابدية. إذ شرع دوستويفسكي فيها التحري عن ما شهده من وحشية متأصلة في روسيا، من خلال قصة رجل ارتكب جريمة لمجرد اعتقاده بانها ستكون نهايته – ويصيبه الجنون ببطء لشعوره بالذنب. ولا تزال الرواية لها متعة قراءة قوية حتى بعد مرور اكثر من قرن.
هناك اعمال ادبية اخرى تستحق القراءة مثل: The Time: Night للكاتبة ليودميلا بيتروسيفسكايا، The Slynx لكاتبتها تاتيانا تولستايا، (المعلم ومارغريتا) لميخائيل بولغاكوف، (يوجين أونجين) للكاتب ألكسندر بوشكين.
غالبا ما يسيء القرّاء الغربيون الكيفية التي يرى بها الماضي روسيا المعاصرة؛ فهم شعب يمكن تتبع العديد من سلوكياته الحالية ومشاكله، وثقافة القرون الماضية وصولا الى زمن تاسار او قيصر روسيا والقنّانة. لذلك تتبع رواية فلاديمير سوروكين (يوم أوبريتشنك) مسؤول حكومي خلال نموذج من يوم مرعب يائس في مستقبل يستعيد الامبراطورية الروسية، المفهوم الذي يتردد بقوة بين الروسيين
المعاصرين.
اما رواية (حلم حياة سوخانوف) للكاتبة أولغا غروشين، لم تجذب الانتباه مثل رواية "1984" مثلا، لكنها تتشابه معها في الطريقة المرعبة التي تحدد معنى العيش في ظل دكتاتورية بائسة. وتدور الرواية حول سوخانوف الفنان الصاعد، الذي تخلى عن طموحه لاتباع الحزب الشيوعي والبقاء على قيد الحياة. وفي عام 1985، اصبحت حياة الرجل الكبير الذي امضى حياته عبر التخفي والالتزام بالقوانين عبارة عن قشرة فارغة بلا معنى – فوجوده شبحي إذ لا يتذكر اسم اي شخص لانه ببساطة لا
يهتم.
روائع أدبية لفهم الثقافة الروسية
كان للكاتب ليو تولستوي مشاركات ادبية بارزة في الادب الروسي من بينها: (موت إيفان إيليتش)، ورواية (آنَا كارينينا) التي تتحدث منذ السطر الافتتاحي عن الأسر السعيدة والتعيسة وتعقيدات رومانسية وسياسية لمجموعة ازواج، ولا تزال الرواية متجددة وحديثة بشكل محلوظ، ويعود ذلك الى حد ما لمواضيع التغيّر الاجتماعي العالمي، وكيفية رد فعل الناس للتوقعات المتغيرة، فضلا عن تركيز جوهر الرواية على امور تتعلق بالمشاعر، وهو ما يجذب القارئ لهذه الرواية الغنية والجميلة التي تستحق ان
تُكتشف.
ولا يمكنك البحث في الادب الروسي من غير الاشارة الى رائعة تولستوي (الحرب والسلام)، التي تعد حدثا مدويا في الادب فهو عمل تجريبي كسر العديد من القواعد السابقة لما يتعلق بماهية الرواية عن غيرها، وما هو مسموح وغير مسموح. وربما تظن ان هذه القصة بدأت خلال او بعد الحرب النابليونية – الحرب التي شهدت اقتراب موسكو من ان تُحتل على يد ديكتاتور فرنسي – هي مثال على الادب القديم الضخم، ولكن لا يمكنك ان تخطأ اكثر. ولا تزال الرواية خلّاقة بقوة لما لها من تأثير على اغلب الروايات الكبيرة المكتوبة منذ ذلك الحين.
كما يمكنك البدء برواية (النفوس الميتة) للكاتب نيقولاي غوغول اذا اردت المطالعة لفهم الثقافة الروسية في اي دلالة كانت. وتُعنى هذه القصة بمسؤول في العهد القيصري الاخير الذي كُلف بالسفر من مقاطعة الى اخرى للتقصي عن موت العبيد (ارواح الاسماء) المدرجة اسماؤهم على قائمة العمل.
وقد تشعر بالقلق حيال ما شهده غوغول من انحدار نهائي لحياة الروسي في ذلك الوقت (قبل عقود قليلة فقط من الثورة)، وفيها الكثير من حس الفكاهة السوداء والنظرة الثورية عن شكل الحياة في روسيا قبل العصر
الحديث.
مثلما العديد من اعمال الادب الروسي، فان رواية (الآباء والبنون) للكاتب إيفان تورغينيف تُعنى بأزمان التغيير في روسيا وإتساع الفجوة بين الاجيال، اي بين الآباء والابناء، وجلبت ايضا مفهوم العدمية الى المقدمة، من خلال تتبع رحلة الشخصيات الاصغر سنا من رفض متعجل للمفاهيم الدينية والاخلاقية القديمة الى تفكير اكثر نضجا لقيمها
المحتملة.
كذلك يحتاج القارئ الاطلاع على روايات مميزة تُعرفه على الادب الروسي مثل: (الدون الهادئ) لميخائيل شولوخوف، (Oblomov) لإيفان غونشاروف، (العم فانيا) للكاتب أنطون تشيكو، رواية (الام) للكاتب دارين أرنوفسكي، (لوليتا) لكاتبها فلاديمير نابوكوف، (دكتور جيفاغو) لبوريس
باسترناك.
عن موقع Thoughtco