حمزة مصطفى
تأخذ الكتل السياسية على السيد عادل عبد المهدي مسألتين الأولى هي العبارة التي اشتهر بها "الاستقالة في جيبي" والثانية مقالته المشهورة هي الأخرى التي قال فيها قبل تكليفه لمنصب رئيس الوزراء بشهور أن "الشروط غير متوفرة". قبل سنة جرى تكليف الرجل بهذا المنصب في ظل ظروف كلها غير متوفرة وليست الشروط الشخصية. إنسداد سياسي في أفق العملية السياسية، انتخابات شابتها شبهات تزوير واسعة النطاق، فضلا عن المقاطعة الجماهيرية الواسعة "نحو 80 % من العراقيين لم يشاركوا" وعدم قدرة أي تحالف تكوين الكتلة الأكبر التي هي بموجب المادة 76 من الدستور ترشح رئيس الوزراء.
الدكتورعادل عبد المهدي الذي لا أحد يشك في خبرته وكفاءته قبل المنصب برغم ذلك. والأهم أنه انسجم مع من قام بترشيحه برغم تخطي الكتلة الأكبر. ليس هذا فقط فإنّ الجميع كان يتحدث عن أن هذه الحكومة ستكون حكومة الفرصة الأخيرة. وهناك من حسب عمرها الافتراضي بأنه سنة فقط. وهناك من بين زعامات الكتل السياسية من أعطاها سقفا زمنيا أمده سنة للإصلاح أوالرحيل. قبل الرجل المهمة على علاتها ومصاعبها ومصائبها على أمل حصول تغيير عبر برنامج حكومي صادق عليه البرلمان.
الذي حصل أنه بعد سنة تقريبا فوجئ الجميع بأن معادلة التغيير خرجت من الشارع لا من الكتل السياسية. الشارع هو الذي رفض مفهوم الاستقالة المسبقة سواء كانت في الجيب أم في الدرج. كما رفض مسألة الشروط إن توفرت أو لم تتوفر. الشارع خرج ليقول كلمته التي بدت مختلفة تماما عن سياق ونمط تفكير الطبقة السياسية. وبالرغم من محاولات الاحتواء من جهة أو ركوب الموجة من جهة أخرى أو اللعب على الوقت من جهة ثالثة فإنّ التظاهرات التي انطلقت في ساحة التحرير ببغداد وامتدت الى كل محافظات الوسط والجنوب ذات سقوف مرتفعة لكن بهدف واحد هو تغيير المعادلة السياسية التي بنيت طوال 16 عاما على أسس المحاصصة والتوافق.
الآن وبعد أن تقدم رئيس الوزراء باستقالته وبصرف النظر عن الآليات الدستورية التي سوف تتبع في هذا السياق، فإنّ المتظاهرين السلميين الذين يظهرون علنا ومن على شاشات التلفاز دون مواربة يرون أن الشروط باتت غير متوفرة لدى معظم أركان الطبقة السياسية. التظاهرات خرجت لا لكي تحاسب الحكومة الحالية التي عمرها سنة فقط بل 7 حكومات واحدة منها شكلها سيئ الذكر بول بريمر والثانية انتقالية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة جاءت بناء على انتخابات برلمانية. إذن الشروط ليست متوفرة للجميع في عرف المتظاهرين. وانسجاما مع ذلك فإنهم يرون أن استقالة واحدة سواء كانت في الجيب أم في الدرج لاتكفي لاسيما مع سقوط مئات الشهداء والآف الجرحى فإن الإقالات والاستقالات لم تعد تكفي مالم تتغير المنظومة السياسية وفق معادلة جديدة قوامها وطن معافى بلا محاصصة أو توافق أو .. حنقبازيات سياسية.