الحكومة بهدوء جدا

آراء 2019/12/02
...

د. حسين القاصد 
بعد شهرين من الاحتجاج الجماهيري، الذي رافقته أعمال عنف واستشهاد وجرح مئات المتظاهرين، فضلا عن تعرض أغلب مؤسسات الدولة في محافظات الوسط والجنوب للحرق والتدمير على يد مندسين أرادوا حرف التظاهرات عن أهدافها؛ بعد كلّ هذا الوقت وهذه الأحداث التي حاول بعض الذين احترقت أوراقهم الظهور من خلالها دور المنقذ، لكن الجماهير الغاضبة رفضتهم، وعزز هذا الرفض تفاعل المرجعية الرشيدة بصورة تصاعدية، والانتقال من مرحلة المطالبة إلى مرحلة الحسم، إذ تضمنت خطبة الجمعة الأخيرة تصريحا واضحا بأن على مجلس النواب أن يعيد النظر بخياراته التي انبثقت منها الحكومة، وهي اللحظة الحاسمة التي دفعت السيد عادل عبد المهدي إلى عدم انتظار انعقاد مجلس النواب، إذ سارع بتقديم استقالته التي تعد مقبولة بمجرد اعلانها ولا تنتظر موافقات، بحسب مايراه قانونيون مختصون؛ بعد كل هذه الأحداث وصلنا إلى لحظة حسم جديدة، وهي لحظة تتطلب هدوءا وتأنياً ومراقبة هادئة، بعيدة كل البعد عما حدث قبل استقالة الحكومة.
 تتجه الأنظار إلى مجلس النواب أو رئيس الجمهورية أو المحكمة الاتحادية؛ فعلى الرغم من أن بعض المعنيين نطقوا بأن الاستقالة تعد نافذة من لحظة اعلانها، مازالت بعض الآراء تميل إلى أن الاستقالة يجب أن تقدم لرئيس الجمهورية وليس لمجلس النواب، لذلك يميل البعض إلى التوجه للمحكمة الاتحادية لحسم الأمر، وبين هذا الرأي وذاك، فإنّ الحكومة استقالت في كل الأحوال ودخلنا مرحلة أخرى، هي تشكيل حكومة جديدة، تهيء للانتخابات، وتعديل الدستور بما يضمن الإصلاحات التي نادى بها الشعب.
إلى هنا، تبدو الأمور طيبة، بعد كل هذا النزيف في الناصرية والنجف الأشرف وسائر مدن العراق؛ لكن ما نتمناه هو أن يعود الهدوء إلى الشارع، وتعود التظاهرات إلى سلميتها بعد أن حاول مندسون تشويهها؛ لذلك ليس للمتظاهرين الآن سوى المراقبة، فالبديل القادم مهما كان من أمره فهو رئيس مرحلة تهدئة وتصريف اعمال، فلا حاجة للتدخل باختيار من هو مؤقت، كي لا تبقى الحياة معطلة، لأن المؤقت ليس محطا للخلاف والاتفاق، لأن مهمته محدودة ولاتستحق الجدل والتصعيد. 
لقد آن لنا أن نستريح قليلا وننتظر ثمار دماء الشهداء، ونراقب التعديلات، بعد أن نجا العراق من منزلق خطير كان يهدد وحدته وسلمه المجتمعي.