التفكير بالمصير

آراء 2019/12/03
...

زهير الجبوري
لم تكن الأحداث في ساحات الاحتجاج في كل المناطق المحتجة سوى مراحل حسّاسة في صنع القرار المصيري للشعب، ويمكن من خلالها اعادة قراءة المشهد بصورة مختلفة عن البداية التي بشّرت بشعارات سلميّة مفادها الحصول على الحقوق المشروعة للمواطن العراقي مرورا ببعض الخسائر الجسديّة وليس انتهاء بالكوارث المؤلمة التي وقع فيها شبابنا الناهض للحق والحقوق شهداء، وكانت واحدة من اهم المطالب (نبذ الطائفية)، واذا كان لهذا المطلب حق اساس وان صوت الشعب هو الفاعل وان وسائل الاعلام بكل فروعها وتوجهاتها تشتغل على ذلك، اذن من هو الطائفي..؟ .. والى اي مدى كانت انتباهة الشعب وبخاصة الطبقة الفقيرة قد ادركت 
ذلك..؟ 
لا بدّ من تشخيص اللّعبة وكشف المستور، لأنّ الكلام بمختصره يؤشر بوجود تدخلات لاجندة خارجية لعبت بمصير الناس عبر منافذها وادواتها الخاصة، ولعل الأمر ليس مخفياً على احد، بخاصة اذا ما شاهدنا ولمسنا من خلال الهتافات واللافتات المرفوعة.. 
كما ان القضية لم تكن برمتها محلية، انما تناولتها وسائل اعلام عالمية مهمة، بمعنى ان القضية اصبحت في جدل عالمي كبير، ولنأخذ مثلا صحيفة (نيويورك تايمز) وهي تشير الى المراحل التي مرّت بها الاحتججات، كانت تصاعدية وراح خلالها عشرات القتلى والجرحى، واكدت (ان الحكومة العراقية فشلت في الردّ بشكل مقبول على المتظاهرين ، إذ رفض المحتجون ما قدمه الرئيس العراقي برهم صالح من وعد بصياغة قانون انتخابي جديد)، كما اشارت الى قضية تقسيم السلطات ورفض المحتجين على تقسيمها تقسيماً طائفيا وقومياً (سني .. شيعي .. كوردي)، هذه هي روح المواطنة الحقة، وهذه هي الخطوات التي لا بدّ من السير على خطواتها منذ البداية، لأن الحس الوطني والانتماء الى الوطن والشعور بالمواطنة لا تؤخذ بهذه 
التقاسيم ..
التفكير بمصير المواطن وحده يشكل قضية كونية في ظل تصاعد الاحداث، وفي ظل النتائج المعكوسة سلباً على الجميع، وان التراكمات التي خلفتها السلطات السابقة، انتجت صرخات احتجاجية سيدونها التاريخ، فهل هو تحول في نظام عربي عراقي، أم تحول في المشهد العربي 
ككل؟! 
والأمر لم يكن مثلما توقعناه بأنه سيصبح (حراكاً شعبياً)، انما هو (حراك شعبي ومؤسساتي) في الأغلب
، وعندما يهيمن صوت الشعب ويغيب صوت الدولة، تصبح الأشياء مباحة، وهنا أعني الأمكنة بالتحديد
، حيث الشوارع وكيفية استغلالها استغلالا دعائياً، وبعض الابنية وهي تأوي اصوات الشباب المحتج كبناية (المطعم التركي) او كما اطلق عليه بـ (جبل أحد)، وغيرها من 
الأمكنة ..
لما انتفض الشاب وسط هذا الركام الهائل من الاخطاء التي عاشها، وواحدة من اهم اخطاء الدولة انها وضعت الشخص في مكانه غير المناسب من خلال زجّه في سلك حماية الدولة (الجيش/ الداخلية/ المرور) وهو يحمل تحصيلا دراسيا اولياً، ألم تكن من مهام الدولة ان توفر الفرص المناسبة لذوي الاختصاصات الانسانية والعلمية المناسبة 
لهم ..؟