الحديث عن جمعيَّة التشكيليين العراقيين/ يستدعي اهتمامي المباشر بالتشكيل وعلاقة هذا الاهتمام بمجلة رواق الرائدة في مجال العمل المهني والفني للمنظمات الفنيَّة في الحياة العامَّة، وتبدى لي بأنَّ هذه المجلة ومن خلال ما كتبه الفنان قاسم سبتي المشرف العام على أنَّ الهيئة المشرفة وهيئة التحرير انشغلت من أجل توفير ما يساعد الإصدارعلى أنْ يكون ناجحاً ومتميزاً، وذلك من خلال العدد الصفر، ويعني هذا الضمان التحريري والفني وتوازن
المسؤوليات.
إنَّ رواق التشكيل أكدت النوايا التي تحدث عنها الفنان قاسم سبتي، هذا الفنان الصريح، ومعروف بأنَّ الصراحة تنمّ عن شجاعة متوفرة لا تمتنع عن قول الحقائق الموجودة والتي رافقت التحضير للإصدار واعترف قائلاً، بأننا حاولنا تفادي مواطن الضعف في بعض المفاصل الفنيَّة. ومثل هذه التحوطات وفرت نوعاً من الضبط والدقة والتوازن المرن والشفاف بين المسؤوليات ذات الرصانة الفنية المشهود لها في الوسط الثقافي، ولم ينس المشرف العام/ قاسم سبتي احتمال حصول هفوات هنا أو هناك، لكنني وبثقة وصدق عالٍ أقول إنَّ العدد الأول للمجلة أثار لديّ ملاحظات بشأن بعض التجارب، مثلما ولدت في الأعداد الأخرى اهتماماً مثيراً للدهشة وخصوصاً ما توصلت إليه تجارب عددٍ من الفنانين الذين تابعت تجاربهم منذ زمن.
وما يثير في المتلقي من الحرص والاستعداد لاستقبال الأعداد هو ما قاله المشرف العام وأشار الى أنَّ النفوس عامرة بالفخر والرغبة بالتطور، ومثل هذه الملاحظة كاشفة عن وعي ملحوظ ومعروف من أنَّ التجارب الثقافية والفنية التي توفرت على مستلزمات موضوعية وذاتيَّة فإنها بالضرورة ستخضع للسيرورة.
ومثل هذا الموقف يُعلنُ النجاح والتفوق كحلمٍ متحققٍ في مجال الثقافة. إنَّ تجاوز العثرات ليس بالشيء المستحيل ولكنَّ الوصول الى حواف الكمال هو الغاية التي يسعى من خلالها لاستعادة عافية المشهد التشكيلي والذي أرست تقاليده ألوان وأزاميل الراحلين من روادنا وتجليات كل الأسماء النبيلة التي صنعت تاريخنا التشكيلي البهيج. وعودة للسيرورة بعد هذا الرأي الذي قاله قاسم سبتي حول التشارك بين الماضي والحاضر، والمعني به اكتمال التجارب التشكيلية التي لعبت دوراً مهماً في رسم حدود تجربة تشكيليَّة مهمة، لعبت دوراً مركزياً في إرساء تجارب في الحداثة عبر ثنائيَّة الحوار بين الأنا والآخر، ومثل هذه التجارب مثيرة للغاية والدرس وألمحَ لها الدكتور بلاسم محمد في كتابه وهي من الحقائق التي سجلتها بواكير الحركة التشكيليَّة والتي برزت وتجسدت عبر تجارب مهمة مثل جواد سليم والذي تعامل معها – الحداثة – تحت تأثير الإحساس بالهوية عند سفره للخارج وبعد عودته ذهب نحو الذاكرة العراقيَّة وسجل تدشين إحدى أهم التجارب الفنيَّة والتي ما زالت حتى اللحظة مغذية لكثير من التجارب بعضها أعلن عنه من قبل الفنانين والبعض الآخر تكتم عليه. ليس هذا بالنسبة لتجربة جواد سليم، بل الأكثر كذلك مع تجربة شاك
ر حسن آل سعيد.لأنَّ هذه التجربة - رواق التشكيل – منفتحة على المستقبل، فلا بدَّ لها أنْ تراقب تحققات النجاح ونوعية المستوى، لذا قال الفنان سبتي: إنَّ الأهم أنْ يصدر العدد بكامل حلته وأناقته.. بجهود ثلاثة فرسان فقط. يعملون ويتحاورون ويتجادلون طوال أشهر لينظر الى هذا المطبوع
الجميل.
هذا رأي استولدته الدهشة وأنا أتصفح الأعداد الصادرة، وما صدر عن جمعيَّة التشكيليين من مطبوعات ولي
عودة ثانية.