ضيفت منصة إبداع في بغداد مدينة الإبداع الأدبي – اليونسكو، الشاعر المبدع مزاحم التميمي في حوار حول (شعرية اللغة بين الشعر الفصيح والشعر العامي) يوم الخميس الموافق 5/ 12/ 2019، على قاعة سيتي في بيت الحكمة، أدار الجلسة الدكتور سعد التميمي .
بدءاً تحدث التميمي عن بداياته وانه من مواليد الخالص قرية الجيزاني في محافظة ديالى وهو من الشعراء المخضرمين في القضاء.
ثم انتقل الى بغداد وأكمل دراسته الإعداديَّة فيها، ونال شهادة بكالوريوس بالرياضيات من كلية العلوم في جامعة بغداد. وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتَّاب العراقيين وكذلك في الاتحاد العام للأدباء الشعبيين. ويجيد اللغة الانكليزية، ويستطيع التحدث باللغة الالمانية. وقد أجاد كتابة الشعر القريض الى جانب الشعر الشعبي بشهادة النقاد حتى أطلق عليه لقب شاعر الأجيال في احتفالية بعد أنْ ألقى قصيدة (دم الخلود) عن الإمام الحسين (عليه السلام) في ذكرى واقعة الطف، ونشرت له العشرات من القصائد بالفصحى في الصحف والمجلات العراقية منذ العام 1985، وله ديوان في الشعر الشعبي “ورد الباكلة” وديوان في الشعر الفصيح “المبتلى”.
وبين الشاعر التميمي ان الشعر هو الذي يكتبه وليس هو الذي يكتب الشعر، بمعنى انه متذوق للشعر، وانَّ الشعر ليس حكراً على شخص معين، فلكل شاعر رؤية معينة وظروف معينة تخلق منه شاعراً ولكنَّ الفرق بالموهبة التي يستطيع صقلها بالدراسة والقراءة، وانَّ اللغة هي الحد الفاصل بين الفصيح والعامي.
ففي ديوانه (المبتلى) دليل على عنايته باللغة بشكل كبير واصرار على استخدام مفردات من التراث الشعبي وهذا الاعتزاز باللغة وهذا ما كان يرنو اليه المتنبي الشاعر الكبير، والقضية الاخرى ان الديوان توزع على محورين فقصائد مناسبات وقصائد ذاتية، وخصوصاً قصيدتي (الشقراء) وقصيدة (ترب الندى)، وقد حاول في ديوانه هذا أنْ يقدم للمتلقي قلادة شعريَّة ماسية تتفاوت حباتها في درجة الإشعاع والبريق وتتناغم في المعنى مع هواجس وأفكار المُتلقي ومشاعره لتحمل الى قلبه شحنة من البهجة والشجن والعتاب والحزن وصور حلول مقترحة لمشكلات شائكة واستنتاجات عن أوضاع الأمة، وهموم المبتلى (الإنسان، الوطن, الإنسانيَّة) وتسليط الضوء بموضوعيَّة على الجهد الاستثنائي بفطرة شعريَّة متفردة وحرفيَّة عالية الى حد الإبداع، وانَّ النص الجيد لا يحتاج الى عملية تجميل او واسطة للترغيب، وانَّ اقتناص الفكرة في لحظة ما وتصويرها شعراً أمر في غاية الروعة والجمال فهو متنفس الشاعر المبدع والمُتلقي على السواء حسب قوله.
أما بشأن ديوانه الثاني (ورد الباكلة) والذي كتبه بالشعر الشعبي، فقد أكد التميمي أنَّ الشعر الشعبي هو أحد الأنماط الأدبيَّة والذي تكمن عذوبته في أنه أدبٌ شفاهي له أدواته ومفرداته وانَّ بالإمكان تنويطه وتلحينه والتغني بنصوصه من خلال الإلقاء الجيد بعد الفهم لمفرداته وطاقاتها التعبيرية الرائعة. وانه إحدى الصيغ التصويرية والإبداعية في مجال الأدب وهو أقرب للنفس وعواطفها وسلاح مؤثر في كل المجالات وخاصة المشاعر الإنسانية والتعامل مع متطلبات القلب والعقل معاً.
وانَّ المفردات العامية والفصحى مشاعة ومتاحة للجميع وما على الشاعر الا استخدامها وتطويعها تطويعا فنيا راقيا بعد الاحاطة بمعانيها وتفعيل هذه المعاني لرسم لوحات جمالية أخاذة تأخذ بمجاميع القلوب وتأسر القلوب وتطيب بها النفوس. وقد تضمن ديونه (ورد الباكلة) خلاصة تجارب عاطفية وواقعية ومشاهد حياتية شملت محاور عديدة منها (الحب، المرأة، العشرة، توظيف الامثال الشعبية، الأوضاع والظواهر الاجتماعية، هموم الناس، القيم والمبادئ وموضوعات أخرى).
وقد استخدم الشاعر الكثير من المفردات الشعبية في ديوانه هذا مثل (المعجال، الشفلح، غرنوك، العوسج)، ما يدل على اعتزازه بالتراث، وإنَّ اللهجة العامية هي من قربت الشعر العامي من الجمهور، فضلاً عن قدرته العالية في التصوير وتوظيف الأمثال الشعبيَّة.
وأخيراً فقد ألقى الشاعر التميمي عدداً من قصائده الفصيحة والشعبيَّة التي تغنت بالأم والحبيبة والوطن، وكذلك القصائد الشعبيَّة التي تعددت مشاربها بين الأبوذية والدارمي والزهيري التي نالت استحسان الحضور وإعجابهم الشديد.