تعودُ فكرة إنشاء متحف في وطننا العربي الى سنة 1858، ظهرت حين عرضت الآثار الفرعونية في بولاق في تلك السنة - وفي العراق تعود لعام 1925، حيث كان المتحف العراقي عبارة عن غرفة في بناية القشلة التاريخية في منطقة السراي ثم انتقل الى بناية جديدة هي الآن المتحف البغدادي، كما ذكر الدكتور سعدي الدراجي رئيس قسم العلوم الصرفة في مركز إحياء التراث العلمي العربي بجامعة بغداد في كلمته التي افتتح بها دورة (أهمية المتاحف في الجامعات العراقية) التي نظمها المركز على مدى أربعة أيام، بإشراف مباشر من الدكتور مجيد مخلف طراد مدير المركز وبحضور عددٍ من الأساتذة والباحثين وشارك فيها مشاركون من بعض الجامعات العراقية واختتمت الخميس 19- 9.
وأضاف متحدثاً عن البواكير الأولى لعلم المتاحف معرفاً المتحف في المفهوم الحديث بأنه مؤسسة دائمة تعنى بحفظ ودراسة وتقييم المقتنيات الفنية والتاريخية والعلمية، واستعرض الآراء بشأن أقدم المتاحف في التاريخ ثم عرج على أهم العوامل التي شجعت على صناعة التحف التي اقتناها الهواة وهي تنحصر في عاملين، العامل الاقتصادي والعامل الديني.
وتطرق الى المتحف العراقي الذي حدثت فيه توسعات، فبنيت له ملحقات عديدة في مكانه الحالي، مبيناً أنَّ المتاحف في الجامعات لها أهمية في توعية الطلاب لأنها تساعد على تنمية الثقة والتفاؤل تجاه مستقبلنا وهي تفيد الناس لفهم ماضيهم وليكونوا أفراداً صالحين في مجتمعهم.
متحف كيك باركو
وألقت الدكتورة امتثال كاظم سرحان (التدريسية في قسم العلوم الصرفة) محاضرة بعنوان (تطور المتاحف وأهمها في العالم) متناولة أهمية المتاحف باعتبارها الموقع الذي يحوي اللقى الأثرية لحضارة البلدان والأمم، وقد تطورت المتاحف وأصبحت تحاكي الواقع من خلال عرضها بشاشات عرض 360 وكذلك 720 درجة من خلال تصوير اللغة الأثرية أو الآثار بتقنيات حديثة ومتخصصة ومن قبل فرق مختصة في هذا المجال.
وكشفت عن أقدم المتاحف في العالم وهو متحف (كيك باركو) في معبد أور في الناصرية في جنوب العراق، إذ يختزن عدداً من ألواح اللغة الأثرية المرتبة وقد عثر عليها أثناء التنقيب فيعدُّ هذا المعبد أاقدم متحف بالعالم.
أما أهم المتاحف التي تحتفظ بشواهد حضارة وادي الرافدين فهي المتحف البريطاني في لندن ويعرض 1000 قطعة أثرية لحضارة أور، وتتوفر دلائل عصر حمورابي في متحف اللوفر الفرنسي، ويحتوي متحف البرغامون في المانيا على بوابة عشتار وغيرها، متحف ابرايكس في هولندا الذي يكتنز شواهد حضارة بابل، ومتحف الآثار في اسطنبول تركيا.
وبينت الباحثة أنَّ هناك متاحف عالمية أخرى تحتفظ بنماذج من الفن العراقي القديم من لوحات فنية ولقى أثريَّة تعود الى العصر الحديث وهي منتشرة في أميركا وفرنسا وبريطانيا.
مراكز ثقافيَّة وعلميَّة
وتحدثت الدكتورة خمائل شاكر الجمالي (التدريسيَّة في قسم توثيق بغداد) محاضرة عن دور المتاحف في إبراز المظاهر التي تعكس الاهتمام بالتاريخ والتراث، إذ تعكس هذه المتاحف جوانب مختلفة من تاريخ الوطن والهوية الثقافية للشعوب لذلك يعد للمتاحف دور مهم في عملية المعرفة والتربية والتعليم والثقافة على اختلاف أنواعها، فهي مراكز ثقافية وعلمية وتربوية وتعليمية تفتح الآفاق لكل من سعى لزيادة معرفته، وتطوير ثقافته في عصر يرفع شعار الثقافة والمعرفة للجميع.
خدمة الموروث الحضاري
وأشرف الدكتور مجيد مخلف مدير المركز على الامتحان النهائي للدورة موزعاً شهادات المشاركة على المشتركين، متمنياً لهم النجاح والموفقية، ودعا الى ضرورة الأخذ بمثل هذه الدورات خدمة لتراثنا العريق، مبيناً أنَّ المركز سبق وأنْ أقام دورات متعددة في هذا المجال لإعداد كوادر مدربة ومتفهمة للعمل المتحفي وفي مجال حماية المخطوطات والوثائق التراثيَّة والتاريخيَّة.