معمعة لا تنتهي

آراء 2019/12/10
...

د. كريم شغيدل
من يقف وراء العنف الذي يطال المتظاهرين؟ من له مصلحة مباشرة بذلك؟ تكهن البعض بأن التظاهرات ستكون ذريعة لتنفيذ مخطط عدواني خارجي لاندلاع حرب شيعية شيعية، وذلك عن طريق مندسين ومخربين وعناصر من فلول البعث المقبور، وهناك سيناريوهات معدة في دوائر مخابراتية إقليمية ودولية وما إلى ذلك، وهنا يتبادر للذهن سؤال منطقي هو: من هم مصدر العنف؟ المتظاهرون السلميون أم الجهات نفسها التي حذرت من تلك المخططات؟ فمنذ اليوم الأول شاعت قضية القناصين الذي اعتلوا بعض البنايات، وتوجهت أصابع الاتهام لهذه الجهة أو تلك. 
وما يزال ذلك الملف قيد الغموض، في الأيام اللاحقة بدأ مسلسل الدخانيات والصوتيات التي أودت بعدد لا يستهان به من الشباب، وفي بعض المحافظات كانت هناك مواجهات بين جماعات مسلحة، وتصفية حسابات لا علاقة للمتظاهرين بها، ثم تصاعدت وتيرة عمليات الخطف وإخفاء بعض الناشطين المدنيين إلى جانب عمليات اغتيال منظمة
 واحترافية. 
ومن أحداث الناصرية صعوداً إلى أحداث جسر السنك وساحة الخلاني ثم اغتيال الناشطين في كربلاء، وخلال ذلك طبعاً تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فديوية لعمليات قتل وخطف وتعذيب، وبين آونة وأخرى نسمع أنباء عن عمليات طعن بالسكاكين وتهديدات وغيرها، نعود إلى سؤالنا: من يقف وراء هذا العنف؟ ومن يريدها حرباً شيعية شيعية؟ بالمقابل حدثني عمَّا بدر من المتظاهرين السلميين، ربما هناك بعض الشباب المندفعين المنفعلين ممن لم يحتملوا ردة الفعل بإزاء ما تلقوه من عنف وما فقدوه من زملاء لهم، ولنقل هناك مندسون ألقوا بالحجارة أو المولتوف على القوات الأمنية وهي أفعال مدانة من الغالبية العظمى من المتظاهرين المصرين على السلمية، ولنكن واقعيين
 وموضوعيين. 
من أوقد فتيل العنف وأسس للفتنة؟ المتظاهرون أم تلك الجماعات التي تستهدفهم؟ ثم أين واجب الدولة ومؤسساتها الأمنية، من أين دخلت تلك العجلات المحملة بالمسلحين لتصل إلى ساحة الخلاني؟ وتنفذ مهمتها وتعود وكأن شيئاً
 لم يكن؟ 
     التظاهرات بصورة عامة سلمية، وستبقى سلمية برغم الاستفزازات التي تقوم بها بعض الجماعات الضالة، ومن واجب الدولة أن تستنفر كل قواها لردع أولئك القتلة وملاحقتهم وتتحمل الجهات التي ينتمون إليها كامل المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبوها، فهناك من يتهم القوات الأمنية بالتواطؤ، وهناك من يسمي جهات مشتركة بالعملية السياسية تؤمن بأن التظاهرات عبارة عن مؤامرة للانقلاب على الحكم الشرعي، وهناك من يتهم بعض فصائل الحشد الشعبي، وهناك من يتهم الحكومة، وهذه معمعة لا تنتهي ما لم يتم إلقاء القبض على الجناة، وهذا ليس مستحيلاً على أجهزتنا الأمنية، وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم، ومن ثم الكشف عن هويات الجهات التي ينتمون إليها، لنعرف على أقل تقدير من يقود المؤامرة لإذكاء نار الحرب بين الشيعة أنفسهم، ومن يهدف إلى إسقاط الحشد الشعبي إرضاء لأميركا وإسرائيل وبعض القوى الإقليمية المتظاهرون أم من
 يستهدفهم؟