قضاة ذكاء اصطناعي في محاكم الصين الرقميَّة

علوم وتكنلوجيا 2019/12/11
...

هانجتشو/ أ ف ب
 
من قضاة ذكاء اصطناعي إلى محاكم إلكترونية وأحكام تصدر على تطبيقات للدردشة -- هذا هو عالم القضاء الجديد الذي سلّطت السلطات الصينيَّة الأضواء عليه الأسبوع الفائت.
 
التشجّع على الرقمنة
وتشجّع الصين على الرقمنة لتبسيط طريقة التعامل مع القضايا في نظامها القضائي الشاسع باستخدام الفضاء الإلكتروني وتكنولوجيا على غرار قاعدة بيانات موزعة لا يمكن تنقيحها يطلق عليها "بلوك تشين" أو "سلسلة الكتل" و"الحوسبة السحابية" التي توفر معلومات عبر الإنترنت حسب الطلب، بحسب وثيقة بشأن سياسة المحكمة الشعبية العليا.
وتشمل الجهود "محكمة متنقلة" تقدّم على منصة "وي تشات" الرائجة للتواصل الاجتماعي والتي تعاملت حتى الآن مع ثلاثة ملايين قضية قانونية أو غيرها من الإجراءات القضائية منذ إطلاقها في آذار، بحسب المحكمة الشعبية العليا.
ونُشرت الوثيقة الأسبوع الفائت بينما وفرت السلطات القضائية للصحافيين لمحة داخل "محكمة إلكترونية" هي الأولى في البلاد تأسست في العام 2017 في مدينة هانجتشو للتعامل مع النزاعات القانونية التي تحمل جانبًا رقميًا.
وأظهرت السلطات خلال استعراض الكيفية التي تعمل من خلالها محكمة هانجتشو عبر الإنترنت حيث توجد واجهة تفاعلية على الإنترنت يمثل عبرها المتقاضون في محادثة بالفيديو بينما يحثّهم قاضي ذكاء اصطناعي على عرض قضاياهم.
وفي اجتماع قبيل المحاكمة، يسأل قاض افتراضي بثوب أسود اللون يبدو جالسًا تحت العلم الصيني "هل لدى المدعى عليه أي اعتراض على طبيعة أدلة (سلسلة الكتل) التي قدّمها المدّعي؟".
ويرد المدّعي، وهو إنسان عادي، بـ"لا اعتراض".
 
النزاعات عبر الإنترنت
وتشمل القضايا التي تتولاها محكمة هانجتشو النزاعات التجارية عبر الإنترنت والقضايا المرتبطة بحقوق التأليف والنشر والمسؤولية عن المنتجات التي يتم شراؤها عبر الإنترنت. ويمكن للمتقاضين تسجيل شكاواهم المدنية عبر الإنترنت وتسجيل الدخول لاحقًا لجلسات المحكمة.
وبإمكان تسليم مهام بسيطة من هذا النوع لقاض افتراضي تخفيف الضغط على القضاة البشر، الذين يراقبون الإجراءات ويصدرون الحكم النهائي في كل قضية، بحسب مسؤولين.
ويهدف هذا التحول إلى الرقمنة جزئيًا لمساعدة المحاكم على التعامل مع العدد المتزايد من القضايا التي تسببت بها عمليات الدفع عبر الهواتف النقالة والتجارة الإلكترونية في الصين، حيث أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت عبر الهواتف المحمولة في العالم والمقدر بنحو 850 مليونًا.
 
خدمة للعدالة
وقال نائب رئيس محكمة هانجتشو عبر الإنترنت ني ديفينغ لوكالة فرانس برس إنَّ إغلاق القضايا "بوتيرة أسرع هو نوع من العدالة، إذ إنَّ تأخير العدالة هو بمثابة الحرمان منها".
وأضاف أن استخدام تكنولوجيا قاعدة البيانات الموزعة (سلسلة الكتل) هو أمر مفيد على وجه الخصوص، إذ يسهم في تبسيط الأمور ويخلق سجلات أوضح للعملية القانونية.
ومنذ تأسيس محكمة هانجتشو، أقامت الصين غرفًا مشابهة في بكين وفي مدينة غوانزو.
وقبلت المحكمتان معًا ما مجموعه 118764 قضية وأغلقت 88401 منها، بحسب المحكمة الشعبية العليا.
ويسمح خيار "المحكمة المتنقلة" على "وي تشات" -- خدمة الرسائل النصية للتواصل الاجتماعي الأبرز في الصين -- للمستخدمين باستكمال رفع القضايا والجلسات وتبادل الأدلة من دون الحاجة للمثول شخصيًا في المحكمة.
وأفادت السلطات بأنه تم إطلاقها في 12 مقاطعة ومنطقة.
 
سلسلة من الأدوات
وقال  رئيس المحكمة  الشعبية  العليا  تشو كيانغ 
  إنَّ  المحاكم في أنحاء البلاد تختبر سلسلة من الأدوات عبر الإنترنت.
وأفاد أمام لجنة أنه اعتباراً من تشرين الأول، تعاملت أكثر من 90 بالمئة من المحاكم الصينية مع قضايا عبر الإنترنت إلى حدٍ ما.
وتتوافق هذه الخطوة في مجال القضاء مع الجهود التي يقودها الرئيس شي جينبينغ لجعل بلاده رائدة عالميًا في مجال التكنولوجيا، بدعم كبير من الحكومة -- وهي ستراتيجية أثارت قلق الولايات المتحدة.
ويشمل ذلك بناء معدات مراقبة ضخمة بتقنيات عالية وجهد طموح لتحدي هيمنة الولايات المتحدة في مجال "سلسلة الكتل"، التي يمكن للصين استخدامها في مجالات واسعة بينها إصدار العملات الرقمية وتبسيط الخدمات الحكومية ومراقبة الولاء للحزب الشيوعي.