منجزات التصميم الفني في ألف عام

ثقافة 2019/12/21
...

رايَن دَندون
ترجمة : عادل العامل
في عام 1455، كان المديني الايطالي الناشئ والمؤلف أيني سيلفيو بارتولوميو بيكولوميني في فرانكفورت يشاهد نسخة أولى من إنجيل غوتنبرغ. فانطلق يقول لاحقاً في رسالة إلى الكاردينال جوان كارفَجال: "لقد كان النص دقيقاً، ومقروءاً جداً، بحيث لا تصعب عليكم متابعته ــ سوف تكونون نيافتكم قادراً على قراءته من دون أي جهد، ومن دون نظارات في الواقع".  
لقد كان أيني، الذي ما تزال هناك آنذاك ثلاث سنوات قبل أن يُصبح البابا بايوس الثاني Pope Pius II ، في طريقه إلى القداسة حقاً في ذلك اليوم. لكن ظهوره مع الصفحة المطبوعة ساعد بالتأكيد تقريباً على تشكيل طموح البابا المقبل في مجال الأدب: وستُصبح روايته (حكاية عاشقين) الكتاب الأفضل مبيعاً في القرن الخامس عشر وتبقى تُطبع إلى يومنا هذا.
وقد كان إنجاز غوتنبرغ هذا ــ وهو الكتاب المهم الأول المطبوع بطابعة متحركة وواسعة الانتاج ــ حدثاً فاصلاً في الارتقاء بعملية توزيع المعلومات. كما كان أيضاً الدافع الأوروبي لما ندعوه في وقتنا الحاضر بالتصميم التصويري، (أو الغرافي .(graphic 
وقد نُشر مؤخراً بالانكليزية كتاب جديد عن دار فيدون، عنوانه (غرافي: 500 تصميم يهمّناGraphic: 500 Designs that Matter )، وهو يجمع معالم من التاريخ الخصب للاعلام البصري داخل كتاب مفرد من دراسة الرموز والتصميم الرائد. وبكونه مزاوجةً بين الأعمال المعيارية للتأكيد على الأصداء البصرية عبر العصور، فإنّ هذا الكتاب الكبير الغني بمضمونه يرسم ارتباطاتٍ بين صور متعارضة مثل الصليب المعقوف النازي (1920) وأيقونات ماكنتوش (1948). والنتيجة تراتيل جريئة من دون ترتيب لبعضٍ من أكثر الإرساليات البصرية أهميةً للألف سنة الماضية.
فنجد فيه تصاميم متنوعة الأساليب والمضامين منها، على سبيل المثال، تصميم كتاب الانجيل المنجز بمطبعة غوتنبرغ ما بين سنتي 1453 و1455، وملصق إعلاني  لمسرحية "عُطيل" لوليام شكسبير، وملصق روسي من عام 1923،  وغلاف مجلة نيبون اليابانية 1934 ، وملصق لأوبرا وارشو البولندية 1964، وغلاف عدد مجلة OZ الانكليزية في أوكتوبر 1967، وملصق فيلم "الدوامة" الأميركي الذي أخرجه وأنتجه هتشكوك عام 1958، والحروف الأبجديّة الانكليزية بحركات رجل بهلوان، وملصق مسرح شعبي أميركي 1999.. إلى آخره.
وأخيراً، يمكننا القول إنّ التصميم التصويري، وهو الطريقة الكفيلة بنقل الرسائل من خلال وسائل الاعلام الجماهيرية، يمثّل، في عالمٍ غارق بالمعلومات، أمراً مهماً على نحوٍ حيوي. ذلك أننا نجد هذا التصميم العظيم يشق طريقه عبر الفوضى، بدءاً من خرائط أنفاق المشاة إلى رسومات فطائر الحلوى، ليساعد على تشكيل وتوجيه التجربة اليومية، سواء كان ذلك عن طريق تسهيل قدرتنا على الاستيعاب بسرعةٍ لما نحتاج إلى معرفته، أو إرغامنا على الاستفهام عما هو واضح.
 
عن /  Medium